[المنظار المسروق]
للأستاذ عبد المعطي حجازي
تنكر في غدره واستتر ... وراح ورائي يقفو الأثر
وفي زحمة العيد مال الغبي ... علي وظل يطيل النظر
وأحسن بي الظن من جهله ... فخال بأني كنز العمر
لقد سرق النذل نظارتي ... وعاد قريرا بهذا الظفر
ولو علم الخائب العبقري ... حقيقة مغنمة لانتحر
فليس بها من نفيس يباع ... إذا ما رجا طامع وانتظر
وفي السوق لا تشتري بالفلوس، ... ولو جن بائعها أو كفر
ولكنها لي شمس النهار ... وعطر الزهور ونور القمر
غذائي إما أضر الطوى ... وربي إما اللهيب استعر
ومؤنستي إذ يعز الأنيس ... وراويتي حين يحلو السمر
ومشكاة ليلى إذا مادجا ... ومرسى أماني وقت الخطر
أجوز بها كل عات عصى ... وأغزو بها كل صعب عسر
وأمشي بها في ظلام السطور ... فيسعفني نورها المدخر
وأعلو إلى وكنات النسور ... وأهوى إلى مستقر الدرر
وأعبر في محجريها الزمان ... وأطوي على كاهليها العصر
وانظر في معجزات الوجود ... وأقرأ في صفحات القدر
وفي كل فن، ومن كل روض ... أطوف وأجني شهى الثمر
فجعت بها فطواني الظلام ... وران على الدجى واعتكر
وأصبحت ألمح ظل السطور ... كأطلال بيت هوى واندثر
وترقص في عيني الكلمات ... كما يرقص الغصن وقت السحر
وأعثر في هضبات الحروف ... كأعرج يظلع فوق الحجر
وكنت رفيق المنى والكتاب ... فصرت رفيق الأسى والضجر
وما لذة العيش في روضة ... إذا أنت لم تر حسن الزهر