للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الحياة صادقة!]

٢ - العدل الإلهي!

مقدمات لإدراكه واليقين به

(مهداة إلى العقاد الكبير بمناسبة مقاله (تبارك رزاق البرايا))

للأستاذ عبد المنعم خلاف

٦ - لقد وجدت من حسن حظ الإنسانية في هذا العصر نظم صالحة تسمح لدعوات الحق والصلاح أن تتخذ طريقها وتزاحم في أسواق الحياة بدون عوائق غير طبيعية، بعد إن قدست حرية الفكر والقول وسمح لكل فرد أن يقول ما عنده بدون سباب أو أذى.

لقد تيقظت الإنسانية لحياتها وقيمتها، عرفت قيمة الفرد فيها، فأفسحت الأمم الراقية له المجال ليخدمها بالقول والفعل مهما كان ما يدعو إليه جديداً غريباً؛ ومتى أخذ الناس أنفسهم أن يسمعوا لكل قائل ثم يحاكموه إلى العقل فهم في تقدم. فعلى كل مظلوم أن يصرخ! وعلى كل داع أن يتكلم، وعلى الجماعة أن تسمع لهذا وهذا.

والظلم السياسي أو الاقتصادي من القوى أو للغنى للضعيف المحروم هو الذي يجعل الإنسان يكفر أو يشك في العدل الإلهي. . وطبيعي أن الله لا يتدخل في كل شئ بين الناس تدخلا ظاهراً. . وهو قد أقام قوانين الطبيعة حدوداً يتحاكم الناس إليها. . فالنار تحرق من يضع يده فيها سواء أكان صديقاً أم عدواً. . والتردي من شاهق يهلك، والتعرض للمرض يمرض، والماء يغرق. وهكذا كل عمل له نتائجه الحتمية لأنها قوانين طبيعية لا تبديل لها ولا تحويل. . والله يترك لقوانين الطبيعة العقاب الطبيعي على كافة مخالفة يرتكبها الفرد أو الأمة نحو تلك القوانين. ذلك ظاهر واضح في مجال الطبيعة.

وأما في مجال الإنسان. فلاختيار أفسد عنده كثيرا ما كان يجب أن يسير عليه سيرا طبيعياً، إذ قد ملا حياته بالتهاون.

فالظالم يظلم وعلى المظلوم أن يثأر لنفسه، ولو كلفه حياته. ذلك حكم الطبيعة وردها الإيجابي كما ردت بالإحراق على من دس يده في النار. . ولكن المظلوم كثيرا ما يغفل ويهمل الإصرار على أخذ حقه، وكثيرا ما تبطئ الجماعة أو تهمل في رد حقه عليه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>