يوجد بمتحف اللوفر تمثالان لرودان يتنازعانني ويؤثران فيّ بوجع خاص، هما:(العصر الحديدي)(ويوحنا المعمدان). ويخيل إلى أنهما أكثر حياة من غيرهما - إذا صح هذا التعبير. حقيقة أن كل تماثيل (رودان) الأخرى تنبض بالحياة، وتتنفس ويحس منها ما يحس من اللحم الحقيقي إلا أن هذين التمثالين يتحركان!
كاشفت رودان بولعي الخاص بهذين التمثالين ذات يوم وأنا جالس بمرسمه بميدون فما كان منه إلا أن أجابني:
أنهما حقاً من تلك التماثيل التي أبرزت فيهما الفن التقليدي إلى ابعد حدوده، مع أني صنعت غيرهما كثيراً مما لا يقل عنهما حركة وحياة، أذكر منها على سبيل المثال (رهائن كاليه)(وبلزاك)(والرجل يمشي). وحتى في أشغالي التي لا يظهر عليها النشاط حرصت دائماً على أن أطبعها بطابع الحركة. ولم أصنع قطعاً وادعه ساكنة إلا فيما ندر. ولقد حاولت دائماً أن أعبر عن الأحاسيس الداخلية بحركات العضلات. وهذا صحيح حتى في تماثيلي النصفية التي أجعلها تميل أو تنحرف انحرافاً خاصاً أو تأخذ وضعاً معيناً يجعلها تنم عن خلجة من خلجات النفس.
لا يمكن الفن أن يعيش بغير حياة. فإذا ما أراد مثال أن يعبر عن السرور أو الحزن مثلاً أو عن أية عاطفة كانت فإنه لا يستطيع تحريك مشاعرنا من غير أن يعلم بادئ ذي بدء كيف يبث الحياة فيما يسوي من الجسام. وإلا فكيف يؤثر فينا السرور أو الحزن المرتسم على شيء جامد كقطعة من الصخر الأصم مثلاً؟
ويمكننا الحصول على مخايل الحياة في أعمالنا عن طريق التمثيل الجيد والحركة. هاتان الصفتان هما بمثابة الدم والروح لكل عمل جيد). وهنا قلت له: