للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب والفن في أسبوع]

للأستاذ عباس خضر

عميد الأدباء في الهواء الطلق

قضى في الوزارة عامين قدم فيهما العلم إلى جيل بأكمله من الناشئين، ويسر مصاعب الحياة لجمع كبير من خيار المواطنين هم الأساتذة والمربون، ولقي هو في سبيل ذلك من المتاعب والعناء ما لا ثمن له عند مثله إلا انتعاش النفس لما ينال المجموع من خير.

كان طه حسين قبل أن يلي الوزارة كاتبا بيدي الرأي ويدعو إلى العمل، ثم ولى الوزارة فأشفقنا عليه مما كتب، إذ خشينا أن يكون من العوامين على البر، وإذا هو في البحر يضرب أمواجه بذراعي جبار. . كان طه حسين الكاتب الناقد رقيبا على طه حسين الوزير العامل. . ويخيل إلى أن الوزير كان يخشى في نفسه الكاتب ويفرق منه أشد الفرق حين أوغل في القسوة على نفسه ومنع تقرير كتبه في المدارس وكان كثيرا منها مقرراً من قبل.

يكتب طه حسين ويحاضر فينفع الناس، ويتولى المناصب فينفع الناس، حتى حين يقصد إلى شيء من الترويح عن نفسه بالسفر إلى الخارج نراه ويراه العالم سفير مصر الأدبي ونديد الأساطين في إشعاع الفكر فينفع الناس.

قال لي مرة وقد أقبلت عليه لأتزود منه بحديث لقراء (الرسالة): أتريد حديثا يطرف القراء أم تريد كلام جد؟ قلت له أريد حديثا يطرف القراء! فابتسم، ثم تحدث إلى فلم يكن في حديثه غير الصدق وغير الإمتاع. . فحين قلت له ما قلت كنت أعلم أن كل ما يقوله طه حسين طريف لا يخرج عن الجدو والصدق، وكل ما يجد فيه من القول لا يتجرد من الطرفة والإمتاع.

إن من خصائص عميدنا الاندماج الكلي فيما يتعرض له، وقد اندمج هذين العاملين في التيسير على المتعلمين والمعلمين، ولم يعبا بقلة (الأوكسجين) في هواء الوزارة، ثم ترك الوزارة فأحس بهبوب الهواء الطلق على نفسه، وسندعه يشبع رئتيه من هذا الهواء، ندعه قليلا لنتوقع منه بعد ذلك الكثير. . .

الثقافة تنتقل إلى المتخلفين:

<<  <  ج:
ص:  >  >>