الذات تخرج من نفسها وتعود الى نفسها، ولكنها تعود أكثر قوة وغنى، وكل معارضة تلقاها في الخارج لا تزيدها إلا قوة ومضاء. وفي كل جزء من أجزائها تحس أن قوة حيوية جديدة تولدت فيها، ونهاية أربها أن تعلن فوز سلان العقل على المادة والطبيعة، أو كما يقول (فيخت)(اتحاد الذات مع غير الذات) وهذا الاتحاد أو هذا الامتزاج المطلق يجعله فيخت مثله لأعلى، ويراه الفيلسوف (هيجل) حقيقة من حقائق الوجود
الذات السامية متمثلة في الله، والذات الآلهية هي الكمال الاعلى. والذات الانسانية تمثل - مجازياً - ما يمثله الله - خقيقياً - ولكنها يحدها الزمن وينتظرها الزوال. أما فاعليتها فباقية خالدة لتحقق مثلها الاعلى ولتدنو في الشبه طوراً بعد طور - من الآلة. والآلة لا حق لنا في تمثيله ولا إثبات وجوده بما هو خارج عن كنهه، لأن تمثيله معناه تحديده وإبرازه على صورتنا الزائلة، وجعله وثناً له شأن الاوثان. وإثبات وجوده معناه أن نستعين بيقين مستمد من غيره في سبيل اثباته، مع أنه هو مصدر كل يقين وهو الفاعل المطلق
موقفه من الدين
لم يؤثر شيء من النقد في نفس فيخت كما أثرت فيه تلك
الوشاية التي أراد خصومه من ورائها أن يتهموه بالألحاد، وما
زال الالحاد سيفاً يشهره العاجزون يهولون به على الأقوياء.
قابل (فيخت) هذه التهمة بابتسامة كئيبة، لأنه يعتقد أنه مضمر
للدين عاطفة طيبة تشف عنها كتاباته ومقالاته، وإزاء هذه
الوشابة أرسل إلى قومه نداء يدفع به عن نفشه هذه التهمو
الشنيعة، وهو نداء يطفح حرارة والتهاباً وإيماناً. قال فيه:)