[على ضريح خليل مطران]
للأستاذ راجي الراعي
مسح الخلود جبينه إعظاماً ... فأفاق من بين العظام وقاما
وأزاح عنه ترابه وطلامه ... وعلا يسفق بالجناح وحاما
يا من تخيرك البيان لسحره ... لم يرض غيرك سيداً وإماما
كيف استطاع الموت أن يلقي على ... عينيك من ليل التراب ظلاما
ماذا دهاك فلم يحول وجهه ... سحر البيان فنال منك مراما
ما كان يعمى السحر عما تبتغي ... أتراه أغواه الردى فتعامى
ألقى الحمام وقد مررت بداره ... ما في يديه وصادق الأرحاما
لما أحس بمجد من أودى به ... أخلى القبور من النيام وناما
هذا هو الجبار في أحلامه ... تخذ المجرة في السماء مقاما
يستنزل الآيات يرسلها على ... مر الدهور أشعة ومهاما
بخياله ضم العلاء وما حوى ... وبفنه أفنى الفناء فداما
أَنَّى التفت رأيت من أمجاده ... علماً يتيه ومارداً يتسامى
وكتيبة في الجو إثر كتيبة ... تعلو وتبسط باسمه الأعلاما
سل عنه رب الشعر من أعلى له ... بيت الصلاة وحطم الأصناما
جاءوه بالحجر الكريم المنتقي ... فبنى القباب وشيد الأهراما
وأتته جنات النعيم بحورها ... تشدو وفي أحضانه تترامى
خاض العباب ولم يبلل ثوبه ... وغزا الفضاء ولم يسل حساما
كم من رماد غاب فيه ضرامه ... فاستل من قلب الرماد ضراما
ما كان يحمل غير سيف لهيبه ... سيفاً يضيء محبة وسلاما
يمشي به في موكب من روحه ... ويحيل حقد الحاقدين هياما
لا يستريح وفي المدينة بائس ... يشكو وجرحى للردى ويتامى
يبكي الوفاء به أعز رفاقه ... حفظ العهود وحقق الأقساما
لو كان يختار الوفاء رسومه ... ما اختار غير (خليله) رساما