قلت: اذهب إلى (بلاج سيدي بشر رقم ٢، ورقم ٣) أرى هؤلاء (الاستقراط) الذين خصتهم الدولة بشواطئ خاصة، لا تطؤها أقدام الشعب إلا لقاء جعل معلوم!
وأديت هذا الجعل، وحملت في يدي (تذكرة الدخول) بارزة، فأنا رجل من الشعب. وما آمن أن يعترضني شرطي أو حارس، وأنا أسير في الأرض المحرمة، التي لا يجوز أن تطأها أقدام الشعب إلا بترخيص!
وسرت بحذر واحتراس، أتوجس خيفة من كلُّ خطوة - على الرغم أني أحمل الترخيص بالمرور - فأنا هنا في وسط (الأرستقراط) وأنا رجل من الشعب. وتعليمات الدولة المسطرة على المداخل توقع الرعب في القلوب:(ممنوع دخول هذا البلاج لغير أصحاب الكابينات إلا. . . الخ)، وذكرني هذا بتعليمات أخرى في بعض الحدائق والأماكن:(ممنوع دخول الكلاب إلا. . . الخ).
ورأيت الدولة قد اختارت أجمل مناظر الشاطئ على الإطلاق لتخص بها هؤلاء السادة المحظوظين. فبلاجا سيدي بشر رقم ٢ ورقم ٣ يلخصان جميع مناظر (الكورنيش). مناظر الشواطئ الصخرية، والشواطئ الرملية، والشواطئ الصناعية، والموج الصاخب، والموج الهادئ، والموج العميق.
وهل أقل من أن تجمع الدولة لهؤلاء السادة أجمل المناظر وأبهجها ملخصة في الشاطئ المحرم، الذي لا يجوز أن تطأه أقدام الشعب إلا بترخيص؟!
وسرت ترمقني أنظار السادة كما ترمق العبيد. . . من هذا الدخيل الواغل؟ إنه رجل من الشعب. يا لهذا الشعب الطفبلي الذي لا يني يعكر صفو السادة بهذا التطفل الغريب. . . ولكني أحمل الترخيص!!!
وانتبهت بعد هنيهة، واستعدت رباطة جأشي، وتقويت بهذا الترخيص الذي تحمله يدي، فدسسته في جيب قميصي، وحرصت - مع هذا - على إبقائه ظاهراً؟!
لا بد أن يكون هؤلاء السادة يستحقون هذا التدليل لا بد أنهم يترفعون بمستواهم وأخلاقهم