للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في سير أعلامه:]

ملتن. . .

(القيثارة الخالدة التي غنت أروع أناشيد الجمال والحرية

والخيال. . .)

للأستاذ محمود الخفيف

الزواج والصدمة الأولى:

وفي فبراير سنة ١٦٤٤ أعاد ملتن طبع الكتيب ورتبه. فقد عاب الناس طبعته الأولى، وقدم ملتن لطبعته الثانية بمقدمة فزعه فيها إلى البرلمان أن يؤيد آراءه فيصدر بها قانونا مدنيا للطلاق، وإلى مجمع البرسبتيرنز أن ينظر يما يقول نظرة العطف فيسدى إلى المسيحية صنيعا يبقى على الدهر. . . ولا يفوته إذ يلجأ إلى البرلمان أن يشير إلى رسالة انجلترة في هذا العالم، فلئن اعتنقت انجلترة ما يذهب إليه من رأى ذاع هذا الرأي حتى يملأ الدنيا، ويهيب بالنواب قائلا بعد أن يسرد الأمثلة على سبق انجلترة في العلم والدين (لا تدعوا انجلترة تنسى سوابقها في تعليم الأمم كيف تعيش)، ولا يفوته كذلك أن يلجأ إلى الاسبتيرنيز أن يمتدح ما اجتمع في مجلسهم من تقوى وعلم وحصافة.

كانت الفكرة الأساسية في كتيبه (قانون الطلاق ونظامه) هي أن الزواج والحب يجب أن يكون أساسهما التوافق والانسجام العقلي والروحي بين المرأة والرجل، فإذا لم يتحقق هذا التوافق في الشعور والفكر بطل الزواج، وكان الطلاق من حق الرجل متى طلبه.

وللدفاع عن هذه الفكرة الموجزة بسط ملتن القول فنظر في الزواج قديما وحديثا، وأستعرض أراء الأقدمين، وأراء آباء الكنيسة الأولين، وراجع ما جاء في الإنجيل ليأتي بما يؤيد رأيه، ثم عمد إلى المنطق بعد الدليل النقلي فدافع عن رأيه في قوة وإيمان، وأتى بطائفة من الآراء استقر بعضها في نفسه حتى ظهر كجانب من فلسفته في قصيدته الكبرى فيما بعد.

اشتدت ثورة ملتن على الجسد وفتنته وما في سيطرته من شر وضلال؛ ولكنه أكد أن قهره في استطاعة أولى العزم من العقلاء الذين يغلبون الحكمة على العاطفة، وما يسلم ملتن

<<  <  ج:
ص:  >  >>