في ذلك المساء بعد تناول الطعام، كانوا يتحدثون في شرفة (الفيللا) عن الشهرة، وكان رئيس الأركستر (فينيزياني) يلقى بسمعه في الحديث، وعلى ثغره ابتسامة حائرة، يتراءى فيها التهكم واضحاً جلياً، وبعد صمت عميق، قال:
- الشهرة. . . أوه!. اسمعوا إذن هذه القصة. ليس بينكم من لا يعرف (سيريني) المؤلف الشاب، المؤلف المسرحي الشهير. وقد أذكر إني سافرت معه من روما إلى فلورنسا بالقطار، فأيقظنا عند الفجر، صوت عامل يصيح:(بونتاسياف. بونتاسياف) ناحية كسائر النواحي، بل هي محطة عادية، تبعد عن فلورنسا بضعة كيلومترات، وليس فيها ما يستوقف المسافرين أو يلفت أنظارهم، ولكن الأدباء يا سادة ليسوا كغيرهم من المسافرين.
- صرخ (سيريني) بونتاسياف! - ياله من أسم جميل!. . . إنه منتهى الرقة والعذوبة والطرافة! إنه ليبدو لي كل الروعة!
ولقد شعرت عند سماعه الشعور الذي أحسه، لو حدثوني عن حديقة (بوبولي) أو جسر (كرايا)!!
ووراء (بونتاسياف) هذه، لستُ ألمس مدينة فلورنسا بل فيورنزا التاريخية، التي أتخيلها بتلك الحديقة (الميديسية) وقد زخرت بنساء النهضة الفاتنات. وأكاد أسمع في أعماق نفسي تلك الأنغام الشجية التي كانت تعرف بها قصائد (بوليثيان) الرائقة.
(بونتاسياف)!! أشاعر أنت بالجمال السحري الذي يغمر هذا الاسم؟ سأؤمها، سأؤمها، لأني أحبها كما يجب أن تحب، دون أن أعلم لماذا.!!
والمصادفات التي تخدم صرعى الغرام، أبت ألا تحقق أمنية عاشق (بونتاسياف) فلم تمض أسابيع، حتى اضطرته إلى الوقوف في ساحتها الكبرى (الوحيدة) أثناء سفره بالسيارة من