كحياتنا بالضبط لكان حجم الرجل هناك نصف حجم الواحد منا وكل شيءهناك ينقص حجمه بنفس النسبة.
ولكن ثمة سؤال غاية في الدقة والصعوبة وهو (أينا يا ترى الذي يتحرك بتلك السرعة الهائلة. نحن أم تلك السدم؟) إن كل ما نعرفه أن تلك السدم تبتعد عنا كذا ميلا في الثانية. ولكننا لا نعرف أين المتحرك وأين الثابت. من السهل على سطح الأرض أن يقول الرجل هذا الشيء متحرك وهذا ثابت لأنه يقارنهما بسطح الأرض، فراكب القطار يخيل إليه أن عمود التلغراف هو الذي يجري إلى الوراء ويخيل إليه أنه هو جالس لا يتحرك ولكنه يعرف أن الحقيقة عكس ذلك، إذ ينسب حركة الأجسام إلى الشيء الثابت وهو سطح الأرض.
أما الحركة في الفضاء فليس لها ضابط تنتسب إليه، اللهم إلا إذا اعتبرنا مجموعتنا الشمسية ثابتة وكل ما عداها متحركاً، واعتبرنا أنفسنا مركز الوجود، وهذا غرور نربأ بأنفسنا عنه لعلمنا بأن شمسنا ما هي إلا واحدة بين ملايين الملايين من أمثالها، وإن من الشموس ما هو أعظم منها بآلاف المرات.
لا يحق لنا إذن أن نعتبر أنفسنا ثابتين وإن تلك السدم تطير مبتعدة عنا، لأن لتلك نفس الحق في أن تعتبر نفسها ثابتة وإننا الذين نطير مبتعدين عنها. وعلى ذلك فالحجر الذي نقيسه على سطح الأرض فنجده متراً مكعباً والذي قلنا عنه واثقين أنه إذا أنتقل إلى تلك السدم صار حجمه نصف متر فقط لا يحدث له شيءمن هذا إلا في زعمنا وعلى اعتبار أننا ثابتون، أما في عرف من يكونون عائشين على تلك السدم فالأمر بالعكس، وفي زعمهم أن هذا الحجر إذا قيس على أرضنا فحجمه نصف متر فقط وإذا أنتقل عندهم أصبح حجمه متر كامل.
إذن فحجم الشيء ليس بالقدر الثابت، بل يختلف باختلاف الشخص المشاهد له، والجزء الواحد من الفضاء يختلف مقداره باختلاف الشخص المشاهد له، والجزء الواحد من الفضاء يختلف مقداره باختلاف الموضع الذي يشاهد منه، فلا معنى إذن لعبارة (متر مكعب من الفضاء) ويجب أن نحدد هذا المتر بأن نقول (بالنسبة لرجل يعيش على كوكب كذا).