للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

الأدب قبل هوميروس

يقدرون أن هوميروس عميد الشعر اليوناني وصاحب الإلياذة الشهيرة قد عاش قبل المسيح بنحو ألف عام؛ والمعروف أن هيرودوت (أو هرشيوش) أبا التاريخ قد عاش في القرن الخامس قبل الميلاد؛ ولكن انتهى إلينا نص كامل من الإلياذة، وانتهى إلينا نص كامل لتاريخ هيرودوت مع أن الأثرين الخالدين وضعا في عصور لم تعرف الكتب، فكيف كانت حال الأدب والتاريخ، وكيف كانت تتناقل الآثار الأدبية في هاتيك العصور؟ كانت الرواية السماعية ولا ريب هي أنجع الوسائل لتوارث التفكير والأدب، وأن كانت الآثار والنقوش والكتابات البردية أيضاً من وسائل تدوينها، وهذا ما تناوله العلامة الإنكليزي الأستاذ طومسون في كتاب ظهر حديثاً عنوانه (فن الرواية) وكلمه (لوجوس) رومية معناها (ما يقال) والأستاذ طومسون حجة الأدب اليوناني القديم، وهو يتناول في بحثه العلمي القيم فن الرواية في عصور ما قبل التاريخ وكيف كان هذا الفن يشمل التاريخ والشعر والقصص، وكيف أنها جميعاً تكاد تمتزج بعضها ببعض ويعني الأستاذ طومسون بوجه خاص لتحليل رواية هيرودوت وما فيها من الحقائق التاريخية الخالدة؛ ثم يعني ببحث الأساطير اليونانية الكبرى وأصولها ومراميها، وأصل الإلياذة، والأوذيسة؛ وتأثير الرواية في تطور العقلية الشعبية خلال هذه العصور، كل ذلك بأسلوب علمي محقق، ممتع في وقت معاً

وما يتناوله الأستاذ طومسون في كتابه هو نفس الحالة التي كان عليها الأدب العربي قبل الإسلام، فالشعر الجاهلي الذي ورثه الأدب الإسلامي، ووقائع العرب وايامها، وما يتخلل ذلك كله من القصص والأساطير، والمنثور والمنظوم، إنما انتقل خلال العصور بالرواية والسماع؛ وقد كانت الرواية في الجزيرة العربية بلا ريب أقوى وأنفذ، وكان أثرها بلا ريب أقوى في تكوين الأدب الجاهلي؛ وتقدم إلينا كتب الأدب الكبرى مثل الأغاني، والعقد الفريد صوراً بديعة مما كان عليه أدب الرواية في عصور قد ترجع إلى ما قبل الإسلام عدة قرون.

من كنوز البردي المصرية

يذكر القراء تلك الضجة التي قامت منذ أشهر حول تسرب الآثار المصرية القديمة خارج

<<  <  ج:
ص:  >  >>