للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[القصص]

اعتراف

للكاتب التشكسلوفاكي كارك كابك

للأستاذ محمد فتحي عبد الوهاب

تحدث الأب فوق قس سانت ماثيو قائلاً - (أما علاج النفس فأنتم تعرفون أنه علاج من أقدم ما مارسه البشر. بيد أن الكنيسة تطلق على هذا الضرب من العلاج اسم (اعتراف التطهر المقدس). فعندما تضطهد النفس، وحينما ينتابها ما يشينها فاذهب أيها الآثم إلى كرسي الاعتراف المقدس، وأطرح عن نفسك كل الأوشاب العالقة بها. إن ما يدعونه الاضطراب العصبي ليس إلا ما نسميه نحن وخز الضمير والندم على ارتكاب المعصية.

(منذ سنين مضت، في يوم من أيام الصيف، كنت متخذاً ركناً من أركان كنيستي، قابعاً فيه من عناء الحر، وقد هبت علي نسمات باردة تلطف من حدة ذلك الوهج الشديد، عندما أقبل خادم الكنيسة وأخبرني بأن هناك من يود الاعتراف.

(بطبيعة الحال، قمت فارتديت حلة الكهنوت البيضاء. ثم جلست داخل مقصورة الاعتراف. وأحضر الخادم طالب الاعتراف، فوقف أمامي خارج المقصورة التي تحجبني عنه. وأطللت عليه من نافذة المقصورة. كان رجلاً في خريف العمر يرتدي ملابس محترمة. وكان يبدو من هيئته أنه إما تاجر متجول أو وكيل شركة لبيع الأراضي. وكان شاحب الوجه، مفرط البدانة. وركع الرجل أمام المقصورة دون أن يفوه بكلمة.

وقلت أشجعه: هلم وردد معي: أنا الآثم التمس، اعترف إلى الله العظيم -

(فقاطعني الرجل قائلاً في صوت جهوري - كلا. فعندي كلام آخر أو د أن أفضي به. دعني أتحدث على طريقتي).

وفجأة، أخذ ذقنه يرتعش، وتصبب العرق من جبهته. وأخذت أنا الآخر، دون سبب ما، أشعر بإحساس غريب مخيف مقزز، لم يسبق من قبل أن انتابني مثله، إلا في ذات مرة عندما كنت حاضراً تشريح جثة، جثة كانت في حالة تامة من التعفن والانحلال. ولن أقص عليكم أيها السادة ما كانت عليه تلك الجثة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>