(قطعة مهداة إلى جلالة الإمبراطور العظيم (نزيل فلسطين))
للأستاذ علي الطنطاوي
. . . حق صريح يصان في عصور الظلام، وأمة آمنة تسلم في قرون الجهل، أفيعبث بهذا الحق في القرن العشرين، قرن العلم والنور. . . ويُعتدى فيه على هذه الأمة، فتسرق أرضها وحريتها وسعادتها؟
يا لفضيحة القرن العشرين!. . . يا لضيعة المبادئ الإنسانية! يا لخيبة العلماء والأدباء والأحرار!. . يا لإفلاس الحضارة الغربية. . يا للعار على الفكر البشري!
أتبنى المدارس، وتفتح المعاهد، وتشنأ المحاكم، لتبث مبادئ الحق والخير والفضيلة، وتعمل على ذلك دهوراً، فيأتي طاغية من طغاة الغرب فيهدمها كلها بطلقة واحدة من مدافعه، وترجع بالعالم إلى الوراء عشرين قرناً، ولا يجد من يأخذ على يده، وينصف الإنسانية منه؟
أيهزأ طاغية روما بكل المبادئ التي يقدسها البشر، ويدوسها بقدميه وأقدام جنوده، ويستعبد أمة بكاملها لم تستعبد منذ فجر التاريخ؛ ثم يمضي هؤلاء (الممثلون) في طريقهم إلى (مسرح جنيف) ليمثلوا عليه بقية المهزلة. . . هذه المهزلة الدامية التي كان أول ضحاياها عظمة الفكر البشري، وجمال الحضارة الحاضرة، ومبادئ جمعية الأمم؟
ارجعوا يا هؤلاء، ارجعوا إلى بلادكم، قد تمزق الستار وبدت من خلاله الوجوه المصطنعة واللحى المستعارة والسيوف الخشبية؛ ورأى الثقلان أن (جبار جنيف) لم يكن إلا صنماً من أعواد، أقامه الأقوياء ليخدعوا به عباد الأصنام من الأمم الضعيفة، عن حريتها وحقها ومالها
ارجعوا فأظهروا أنيابكم التي سترتموها، وأظافركم التي أخفيتموها. . . ما أنتم أيضاً إلا ذئاب
أما أنت أيها الإمبراطور الحبشي العظيم، أيها الجندي المجاهد الشريف، فتعزّ واصبر