للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الدكتور محمد إقبال]

فلسفته

معالم الاتفاق والاختلاف بينه وبين فلاسفة الغرب

للسيد أبو النصر أحمد الحسنى الهندي

إن من نابذ الأديان العداء في العصر الحاضر هو الطبيب النمساوي الفيلسوف سيجموند فرويد صاحب المذهب الخاص في علم النفس التحليلي وقد توفي حديثاً، فهو قد رأى في حقيقة أعمال الإنسان، بل في جميع حركاته وسكناته رأياً غريباً، وهو أن أساسها العاطفة الجنسية، وأن الولد يولد وعنده تلك العاطفة، وأن جميع خواطر الإنسان وهواجسه من الطفولة إلى الشيخوخة ترجع إليها. وعلى هذا فالإنسان عند سيجموند فرويد مجسم الشهوانية وكتلة العاطفة الجنسية، ولا حقيقة عنده للأمور المعنوية الأخلاقية البحتة التي كثيراً ما طمحت إليها نفس الإنسان لتتسم فيها ذروة الشرف، ولا لنظم الروحانية المجردة عن تلك العاطفة مثل الأديان، ولا لأمثالها التي طالما تطلعت إليها روحه فلم يأل جهداً في حيازة كمالها. فهكذا جرد فرويد الإنسانية من أوصافها المميزة، وحطها من مراتبها الروحانية السنية، والدرجات الأخلاقية والمعنوية الرفيعة، إلى حضيض الحيوانية والهمجية.

قرر فرويد أن الدين عبارة عن وهم محض خُلق من المهيجات والدوافع المرفوضة في نفسية البشر، لتجد تلك المهيجات والدوافع في دائرة الدين حرية العمل غير المسدود؛ وأن العقائد والمذاهب الدينية ليست إلا نظريات الطبيعة الابتدائية التي سعى بها الإنسان لإنقاذ الحقيقة من قبحها العنصري، ولجعلها شيئاً أقرب إلى رغبة القلب من غير أن تسمح بذلك حقائق الحياة. ومبنى هذا القرار هو نظريته التي أتى بها في علم النفس التحليلي، وخلاصة تلك النظرية هي أننا حينما نقوّم بيئتنا ونرتب ما حولنا نتعرض للمهيجات والدوافع المختلفة الكثيرة فنرد عليها. وعملية هذا الرد إذا تكررت كثيراً تتحول إلى العادة فتصبح نظاماً للرد أكثر ثباتاً مما لم يتكرر؛ ثم هي تتقدم بالاستمرار في التعقيد، وذلك لأننا عند الرد نقبل بعض تلك المهيجات ونهضمها، ونرفض الأخرى التي لا توافق نظام ردنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>