لم يخل المعرض الزراعي الصناعي المقام في الجزيرة، من رائع الفنون وأهمها الرسم والنحت. وأبرز ناحية تجلى فيها الفن بالمعرض (متحف الحضارة) الذي يمثل الحضارة العربية من العصر الحجري القديم إلى العصر الحديث، بالتماثيل والنماذج واللوحات والخرائط. وأول ما يطلع القادم على المتحف تمثال كبير للإنسان الحجري القديم وقف في مدخل كهفه، والمنظر رائع من غير شك، والتمثال موفق التكوين من حيث الدلالة على فكرته، غير أن باب الكهف الحجري محكم منتظم الشكل مما لا يتفق مع العصر الذي يمثله، وفي القرى المصرية الآن أبواب أقل منه إحكاماً وانتظاماً، وما يتصور العقل أن يكون باب الكهف في العصر الحجري القديم أكثر من حجر غير منتظم يسد به المدخل على قد الإمكان البدائي.
ويشتمل المتحف على حجرات خصص كل منها لتمثيل عصر من العصور، وقد احتوت على مجسمات ورسوم وأدوات تصور مظاهر الحياة في العصر. وأنت تحتاج إلى نحو ساعة تطالع فيها تلك المعروضات الفنية، فما تنتهي منها إلا وقد ألمت بالخصائص البارزة في عصور التاريخ بمصر، من العصور البدائية إلى إن ترى الفاروق يرفع العلم المصري على القلعة، ويوزع الإقطاعيات على صغار المزارعين، ويضع الحجر الأساسي لمشروع كهربة خزان أسوان، ولو تأخر الفراغ من إعداد المتحف قليلاً لرأيت به الفاروق يعانق بطل الفلوجة الأمير الاي السيد طه بك في يوم عيد البطولة.
وقد استرعى انتباهي في المتحف ما كتب على كل من المناظر الطبيعية المجسمة وهو (ديوراما (١)) و (ديوراما (٢)) الخ. والكلمة تدل على المنظر الطبيعي المجسم. ويقول المشرف على المتحف: لم يضع لنا المجمع اللغوي كلمة عربية بدل (ديوراما) والمتحف كله عربي مصري صنعاً ولغة ما عدا (الديوراما).
وقد انتثرت في المعرض - عدا متحف الحضارة - آثار فنية جميلة، وخاصة في معرض وزارة المعارف الذي صفت به تماثيل فريق من أعلام النهضة المصرية في شتى النواحي: