للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الطريقة العلمية]

في الحضارة والحياة

للأستاذ محمد أديب العامري

كيف ذهب العمر؟

يرى بعض علماء الحياة أنه قد مر الآن ما يقارب مليون سنة على وجود الإنسان على وجه الأرض. ويرى بعضهم أن هذا كثير فينزل العدد إلى نصف من ملايين السنين. ومهما يكن من أمر الخلاف بين العلماء في ذلك فالمؤكد عندهم على كل حال أن عمر الإنسان على الأرض لا يقل عن ربع مليون

ومن المعلوم أنه قد مضى الجزء الأكبر من هذه الحقب الطويلة دون أن يكون للإنسان في المدنية طَوْل يذكر، ولكن عشرة آلاف السنة الأخيرة شاهدت من تفجر عقل الإنسان ما تقر به الآثار إلى اليوم، كما أن النصف الأخير فقط من هذه الآلاف العشرة هو الذي يعرفه إنسان التاريخ في حضارة الدنيا

فحضارات العصور الحجرية والفلزية وحضارات الآشوريين والمصريين واليونان والرومان والهنود والصينيين والفرس والعرب والحضارة الحاضرة، هي النتاج البشري المهم الذي نذكره حين ندرس التاريخ

ومن الواضح أن المدنية الحاضرة أزهى هذه المدنيات وأعلاها وأكثرها ديموقراطية وتمهيداً لرفاهية الإنسان وسعادته وأن هذه المدنية الزاهية العظيمة قد ظهرت ونمت، ولا تزال تنبئ بنمو أعظم، فيما لا يزيد على الـ٢٥٠ سنة الأخيرة. ومع ذلك كله فما يزال مفكر مثل ويلز يقول: (إننا لم نشهد بعد الفجر الأول الباكر للتاريخ الإنساني)

وليس من غرضنا أن نبحث هذا الآن، ولكن ويلز محق، فليس تاريخ البشر في طابعه الأكبر إلى اليوم إلا سلسلة من المجازر الوحشية والمجاعات والتدمير والغارات والسطو. فإن يكن هذا جديراً بعقل الإنسان وفكره فإن فجر الحضارة قد طلع منذ أيام رجل جاوي القردي. ولعل النوع الإنساني إذ ذاك كان أشد حضارة فقد كان أشد ضراوة وأشد فتكاً؛ وإلا فإن تاريخ النوع البشري لم يخط منه إلى الآن شيء يستحق ألا يمحى

<<  <  ج:
ص:  >  >>