كتب عبد الله بن الحسين مذكراته وطبعها في لندن وجاء في نسخة بالإنجليزية وقعت ليدي، اطلعت فيها على الفصل العاشر المسمى (الحرب)، وكانت إحدى المجلات الأسبوعية قد نشرت قسماً منه في مصر نقلاً عن الصفحة ١٢٨ جاء فيه (لقد زارني الخديو عباس في عمان وكان ذلك إبان حكم الملك فؤاد الأول لمصر وقال لي الخديو (هذا هو القدر وأنا غير نادم على شيء، لقد تعبت بعد أن حكمت ٢٥ سنة كاملة وأن عمي الملك فؤاد الذي يحكم مصر الآن يعاني ما كنت أعانيه - إن من الصعب أن ترضي شعبنا - الشعب المصري - ومن الصعب أن ينتهي الاحتلال البريطاني لأن الإنجليز أقوى منا بحيث لا نستطيع طردهم) ثم قال لي الخديو بصوت حزين (إن الشيء الوحيد الذي أنا آسف عليه فعلاً هو أني أعيش بعيدا عن البلاد الإسلامية فلا أستطيع أن أرى مآذن المساجد أو أسمع الأذان للصلاة منبعثا منها، إني أخاف أن أموت بعيدا عنها وأن أدفن في أرض غريبة
ولما اطلعت في الأصل الإنجليزي على هذه الفقرة بالذات عادت إلي ذكريات الحوادث والأيام التي عشتها بمدينة القدس بين سنة ١٩٣٥، ١٩٣٧ فقد حضرت طرفاً من هذا الموضوع الذي أثاره عبد الله بن الحسين وكان لي معه حديث فيه، كما أنني دعيت إلى حفلة أقامها الخديو السابق، ولما استأذنت الحكومة في حضورها جاءتني برقية غريبة تقول بادعاء المرض والتزام الفراش في نفس الوقت الذي كنت مقيما فيه بالفندق الذي نزل فيه الخديو السابق
إن حوادث هذه الأيام تقع في شهر يناير سنة ١٩٣٦ ومقابلة الخديو عباس مع بعد الله بن الحسين تقع في شهر رمضان، أما الدعوة إلى حضور مأدبة الخديو السابق فقد كان محددا لها يوم ١٩ فبراير سنة ١٩٣٦
ولشرح ما جاء في تلك الأيام عدت إلى مذكراتي في تلك الفترة بالذات التي حضر فيها الخديو السابق إلى مدينة القدس ونزل في فندق الملك داود (كنج دافيد) وقام زيارة القنصلية