سلطان العادة على النفوس. وقد درج الكثيرون فيما سبق على كسب المال من طريق العلم والاتجار فيه، وتزييف الكتب ودفعها إلى السوق، متسترين باسم الألقاب العلمية التي حصلوا عليها بأسباب غير شريفة. وهؤلاء وأولئك لن يعفوا عن باب اعتادوه وكان يدر عليهم الذهب. وسوف يكون موقفهم كموقف الأحزاب السياسية التي رفضت الدعوة إلى التطهير حتى أرغمت عليه
لذلك نحن في حاجة إلى تطهير جبهة العلم من الأدعياء السفسطائيين بحركة جريئة تجتث الرؤوس الفاسدة، وقد تعفنت من الفساد، ولا يرجى معها إصلاح
إن قوة الأمة تقاس بانتشار العلم الصحيح بين أبنائها، لا بمقدار ما يملكه أفرادها من مال. وجدير بمصر وهي في فجر ثورتها أن تعول على الطريق الجدي الموصل حقا إلى تقويتها، وهو العلم. ولن يتيسر ذلك إلا بالإصلاح هيئات التعليم، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعمل الخالص لوجه العلم والابتعاد عن فتنة المال كما كان الحال في صدر الإسلام، حين كان العلماء يقومون بتعليم الناس حسبة لوجه الله، لا يتناولون على تعليمهم أجراً. بل إن فقهاء الدين أصحاب المذاهب كأبي حنيفة وأبن حنبل، لم يعرف عنهم التكسب بالفقه، بل كان للواحد منهم صناعة يعتمد فيها على معاشه، مثل أبي حنيفة الذي كان بزازاً
فأين علماء اليوم من علماء الأمس؟
عاش علماء الأمس فقراء طول حياتهم، فخلد اسمهم على الزمان، وظلت آثارهم باقية حتى اليوم، وتنعم علماء اليوم في رغد من العيش وفيض من الثروة، فقتلوا أنفسهم، وقتلوا أمتهم معهم
فليبتعد العلماء عن فتنة المال حتى ينزهوا العلم عن الشوائب، وحتى يكونوا قدوة صالحة للطلاب وعاملاً في بناء مجد مصر
ليبتعدوا عن هذا كله قبل أن تمتد إليهم يد الثورة فتحرقهم