أفلاطون ثمرتها، ثم أر سطو من بعده، واستتبت قواعد العلم على أسس صحيحة بعيدة عن السفسطة
وجدير بمصر اليوم أن تكافح جماعة السفسطائيين الذين ألبسوا الباطل أثواب الحق، ونشروا أسباب الفساد، وهبطوا بالعلم والتعليم درجات ودرجات
فلا أجر على التعليم إلا ما تدفعه الدولة
ولا تجارة في الكتب
ولا مساومة على الامتحانات
ولم تكن هذه المفاسد كلها مجهولة في السنوات الماضية، فقد كتب كثير من أحرار المفكرين في الصحف ينادون بمكافحتها والقضاء عليها، واجتهد بعض وزراء المعارف أن يلتمسوا لها حلاً فأمروا بمنع إعطاء الدروس الخاصة، وأصدروا المنشورات التي تحرم على المعلمين القيام بها. فكانت تلك المنشورات حبراً على ورق، وظلت تجارة الدروس شائعة رائجة
ولجأ بعض الوزراء إلى إلغاء الامتحانات أصلاً، ونقل التلاميذ من عام دارس إلى عام آخر بمجرد الحضور، واكتفاء بتقارير المدرسين. ولم يحل هذا الإجراء المشكلة، بل زادها تعقيداً على تعقيد
ولم يكن من الميسور ولا من المعقول أن تصلح حال العلم والتعليم في وسط موبوء، كله مفاسد وشرور ومحسوبة وشذوذ، ولذلك كان طلب الإصلاح في تلك الظروف من المحال
فلما أجتث الرأس الفاسدة، والحاشية التي كانت تبث الفساد في كل ركن من أركام الحياة، لأن معظم أفرادها من العامة بل وسفلة القوم، ونحن نعني ذلك لأن الحاشية كانت من الخدم! ويحضرني بهذه المناسبة وصية لابن سينا في تعليم الرجل أبناءه: هي (ألا يتركهم في أيدي الخدم حتى لا يتطرق إليهم الفساد، ولا يتخلق بأخلاقهم) نقول لقد مضى عهد الخادم الجهل الذين كانوا يتصدرون الدولة ويعدون بحكم مناصبهم قدوة لغيرهم، وأصبح الطريق مفتوحاً لمن يتصف بخصلتين أساسيتين هما: العلم والخلق، وذهب إلى غير رجعة من يسلك الطريق بالمال
غير أن انهيار أصحاب المال لا يكفي وحده في إصلاح الحال؛ فأنت تعرف ولا ريب