ذهب البكباشي ريد رئيس بعثة الحمى الصفراء في جزيرة كوبا إلى الولايات المتحدة بدعوة من السلطات. وبقى مساعداه كارول ولازار في كوبا. أما كارول فطلب إلى لازار أن يسلط عليه بعوضة سبق أن شربت من دم مريض بالحمى، ففعل، ومرض كارول بالحمى ثم أشتفى. ثم وقعت بعوضة وبيئة اتفاقاً على ذراع لازار وهو يدور في عنابر المرضى فمرض بالحمى ومات
- ٤ -
وعاد ريد من الولايات إلى كوبا، فرحب به كارول ترحيباً حاراً. وحزن ريد للازار وفرح للتجربتين اللتين نجحتا في إعطاء الحمى إلى كارول والى س. ص. وجفف مدامعه على لازار ورأى في القدر الذي وقع به يد الله التي لا غالب لها، ولم يفته أن يرى فيه ظاهرة للعلم أيضاً. كتب ريد:(أن لازار قرصته بعوضة وهو في عنابر الحمى الصفراء بالمستشفى، فلا أقل من الإقرار بجواز أن هذه البعوضة تلوثت بالحمى الصفراء من مريض، وإذن فحادث لازار وقع اعتباطاً ولكنه لم يضع سدى. . .)
قال ريد:(والآن جاء دوري أنا لأذوق البعوض دمي). ولكنه كان بلغ الخمسين من عمره فأرادوا تخزيله فقال لهم:(ولكن لابد من البرهان). وتُنصتُ إلى صوته الموسيقي فتجده لطيفاً خافتاً. وتنظر إلى وجهه فلا تجد لذقنه هذا البروز الذي يكون للفتوة والرجولة القوية. وتجمع هذا وهذا فتكاد تحسب أن ريد كان في الذي قال متردداً هيابا. ووالله لو حسبت ذلك ما شأنه، وكيف يشينه وهو وأحد من ثلاثة مات أولهم من غير شك وَوُرى التراب يقيناً
قال ذلك الصوت اللطيف الناعم:(ولكن لابد من برهان). وقام ريد صاحب هذا الصوت