للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيبتي فأصبحتْ في حياتي

قالت: لا أكاد أصدِّق هذا إلا لأكذِّبه، فما يثبت عندي أنني أول من توافي وأخر من تحب

قلت: كيف لا وأنت قد أصبحت لي في كل مالي، فأنا لا أرى الجمال إلا في جمالك أو في خلال جمالك؟. . إن خيالي ليقف عند نهايتك فليس فيه ما بعدك إلا أنت أو ما يجيء عنك. . .

يا رب سبحانك!! يا فاتح الروح للروح. . . يا هازم القلب بالقلب. . . يا فاعل ما تريد. . . يا رب سبحانك. . .

ماذا أقول؟. . . يا حبها أجب، فأنت السائل وأنت المجيب

آني رايتها تبكي ولكن بغير دموع، وسمعتها تضجُّ ولكن بغير صوت، ثم بدت في عينيها فترة كأنها سنة، ورأيتها في جلستها رخيّة رخيّة كأنها نائمة، وكانت حقاً نائمة نوم أحلام في يقظة فكر

قلت: آه ما أجملك!. . .

قالت: وما اجمل شيطانك. . .

ثم هزت رأسها هزة ضعف، ثم سكتت فتركتها تسكت لأرى ما في سكوتها من كلام حسنها. . . فماذا رأيت؟ رأيت وجهها يحمرُ ويحمر حتى يكاد يلتهب، ثم رايته يميل عني ليخفي ما سفر عليه مما احتجب خلفه، وأدركت ما بها فاستحييت أن أطيل النظر إلى شعاع السحر في احمرار الخفر على محيياها، فأغمضت جفوني على حلم سكران فلم أراها. . .

وسمعتها تتنهد، وجاوبها قلبي فتنهد، وفتحت عيني مخمورتين لأراها فإذا بجمالها ثائر فزع. . . عينان مهمومتان ووجه مرتبك

ثم رايتها وخزت شفتها بسنها، وقرصت إصبعاً بإصبعين، ودقت برجلها على الأرض دقة وقالت: ما أضعف الإنسان!!.

ثم تفتَّرت وتندَّى جبينها وهدأت هدوء الفكر المستسلم فقلت: وما أقوى الحب!!

(طنطا)

السيد محمد زياده

<<  <  ج:
ص:  >  >>