للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صديقي الأستاذ توفيق الحكيم]

للأستاذ أنور المعداوي

أشكر الظروف الطيبة التي هيأت لنا أسباب اللقاء، وتلك اللحظات الممتعة التي جمعت بيني وبينك حول مائدة الأدب والفن تحدثني وأحدثك، وتصغي إلى وأصغي إليك، ونغترف معا من شتى الطعوم والألوان. . .

ولقيتني لقاء الصديق، وكأننا كنا على ميعاد، وأشهد لقد أكبرت فيك كثيرا من نواحي الشخصية الإنسانية، تلك التي كنت أجهلها قبل أن ألقاك. ولقد قلت لنفسي بعد أول لقاء: ليتني قد عرفتك من قبل، لتستقيم لي النظرة إلى فنك على هدى الخصائص الأصيلة في شخصيتك. . . ومع ذلك قد هيا لي هذا اللقاء أن أبلغ منتصف الطريق إلى الغابة، وأن أكشف الغطاء عن كثير!

وكان لقاء آخر طويت فيه الطريق كله حتى بلغت منتهاه، والفضل في ذلك منسوب إليك؛ لأنك حدثتني عن نفسك وعن فنك حديثا طويلا لمست فيه حرارة الصدق المنزه عن الأغراض.

لقد هاجمتك في الأيام الأخيرة مرة هنا ومرات هناك، وعلى الرغم من هذا كله فقد أدبك أن تشد على يدي، وأن تثني على قلمي، وأن تلقني لقاء الصديق. . . ويشهد الله أنني ما هاجمتك إلا لأنني أقدرككل التقدير، وأحمل لك في نفسي رصيدا مذخورا من الذكريات الغالية. أنت في عالم معدن نفيس، ومن حقي أن أزيل بيد الناقد ما علق بالمعدن النفيس من غبار الحياة. . .

هذا ما كنت أقوله لك من يلقاني معاتبا على موقفي منك، وكنت أزيد على ذلك قولي: لقد عودني توفيق الحكيم أن ألقاه في القمم، فإذا ما هبط مره عن مستواه، فمن حقي أن أثور عليه لأرده بهذه الثورة إلى مكانه الطبيعي!

قلت لك هذا فقدرت الدافع وشكرت القصد، وملأت نفسي إعجابا برحابة صدرك وسماحة طبعك، وتقبلك النقد بروح مثالية هي روح الفنان.

وخضنا أيها الصديق الكريم في حديث طويل خرج منه الأدب والفن بنصيب كبير، وخرجت منه (أخبار اليوم) بتلك الكلمة القيمة التي كتبتها على أثر لقائنا وبوحي من نقاشنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>