اشتهر حماد بكثرة حفظه وروايته. حتى لقد سمى حمادا الراوية. ونحن لا نظن انه سُمَّى هكذا تمييزاً له من معاصريه: حماد عجرد وحماد بن االزبرقان، فقد كان يمكن أن يُسمَّى حماد ابن ميسرة. وفي الأغاني (ج٥ ص ١٦٥) أن الهيثم بن عدى قال: ما رأيت رجلا أعلم بكلام العرب من حماد. وجاء في خزانة الأدب (ج٤ ص ١٢٩) وفي غيرها من كتب الطبقات أنه كان من أعلم الناس بكلام العرب وأخبارها وأشعارها وأنسابها ولغاتها.
وترد كثرة حفظه أخبار كثيرة. ففي الأغاني (مرة في ص ١٦٤ - ١٦٥، ومرة أخرى في ص١٧٤)، وفي معجم الأدباء (ج٤ ص ١٣٧)، وفي وفيات الأعيان (ص ٢٤٠ ط باريس)، وفي خزانة الأدب (ص ١٢٩)، وفي تحفة المجالس ونزهة الجالس للسيوطي (ص)، أن الوليد بن يزيد قال لحماد: بم استحققت هذا اللقب، فقيل لك حماد الراوية؟ قال: لأني أروى لكل شاعر يعرفه أمير المؤمنين أو سمع به، ثم أروي لأكثر منهم ممن تعترف بأنك لا تعرفهم ولا سمعت بهم، ثم لا أنشد شعراً لقديم أو محدث إلا ميزت القديم منه من المحدث. قال: إن هذا العلم وأبيك كثير، فكم مقدار ما تحفظ من الشعر؟ قال: كثير، ولكني أنشدك على أي حرف شئت من حروف المعجم مائة قصيدة كبيرة سوى المقطعات من شعر الجاهلية. قال سأمتحنك. وأمره الوليد بالإنشاد، فأنشد حتى ضجر الوليد، ثم وكل به من استخلفه أن يصدقه عنه ويستوفي عليه؛ فأنشده ألفي قصيدة وتسعمائة قصيدة للجاهليين، وأخبر الوليد بذلك، فأمر بمائة ألف درهم.
وفي الأغاني (ص ١٦٤) أن مروان بن أبي حفصة الشاعر قال: دخلت أنا وطُريح بن إسماعيل الثقفي والحسين بن مطير الأسدي في جماعة من الشعراء على الوليد بن يزيد وهو فرش قد غاب فيها، وإذا رجل عنده كلما انشد شاعراً وقف الوليد ابن يزيد على بيت