قلنا فيما مضى إن الشخصية نوعان: عملية وفكرية، وذكرنا شيئاً عن الشخصية العملية، واليوم نتكلم عن الوسائل التي تقويها فنقول:
هناك وسائل لتقوية الشخصية العملية نذكر منها ما يأتي:
(١) تحديد الغرض ومعرفة الطريق الموصل:
إن تحديد الغرض في أي عمل من الأعمال مع معرفة السبيل الموصلة إلى ذلك الغرض من أهم الوسائل المشجعة للإنسان على الاجتهاد في العمل والسير فيه إلى النهاية من غير تردد. وبخاصة إذا صحب العمل بإرادة قوية، وثقة به. فمعرفة الغرض لها أثر كبير في نفوسنا، سواء أكان ذلك الغرض عادياً أم عظيماً. وإن نظرة واحدة إلى العالم تبين لنا أن لكل إنسان غرضاً يسعى ليدركه مهما اختلفت هذه الأغراض. ولكن المهم أن يكون الغرض محدوداً سامياً.
كلٌّ له غرض يسعى ليدركه ... والحر يعمل إدراك العلا غَرضا
فالصياد يقف على شاطئ البحر وعصاه في يده ينتظر بصبر عظيم وملاحظة دائمة، أملاً في اصطياد السمك وما فيه من لذة وإرضاء للنفس، وسائق السيارة يسير في طريقه مهما لاقى فيها من مطر أو ثلج أو ضباب أو غبار رغبة في الوصول إلى مكان معين، وقبطان الباخرة العظيمة في البحر الخضم يقود باخرته في طريق معينة نحو ميناء أو موان معينة في جهات خاصة. وهنا يتمثل تحديد الغرض، ومعرفة الطريق الصالحة، والتأكد منها والثقة بها. وإذا تمثلت هذه الأحوال العقلية في الشخصية الإنسانية كانت من أعظم القوى العملية في العالم. فينبغي أن يكون للشخص غرض معين من العمل يسعى ليدركه ويحققه بكل ما أوتي من عزيمة وقوة ومثابرة وثقة بالنفس؛ حتى ينتفع بقواه العقلية. قال (وردِسورث) شاعر الطبيعة من الإنجليز عن الأفراد الذين يسيرون في الحياة نحو أغراض معينة: (إن اجتهادهم ناشئ عن وازع نفسي ينير الطريق أماهم دائماً؛ فيقدرون