[رسالة الشعراء]
في ليلة عيد
كثيراً ما يستلهم الشاعر قصة شعره من عالم الخيال ليجعلها مسرحاً لمعانيه. ولكنني - في هذا الذي بين يديك - كنت في غنى عن ذلك. فلقد نقلته من دنيا الواقع، إذ شهدت نهايته في لبنان، وعرفت بدايته هناك. . . (في البلد الذي تخف به حدائق الليمون). فقضى شيطان الشعر أن أسرده ففعلت.)
تناهت به سالفات الذكر ... إلى عالم من نعيم غبرْ
يهيم بأفيائه الوارفات ... وقد أغلفته صروف القدر
فأصباحه مشرقات في ركبه ... فينهل منها بشتى الصور
وبمرح ملء رداء الشباب ... فؤاد خلي وعيش نضر
إذا ذكر الصب عهد الحبيب ... وما ذاق من صده أو رضاه
وحدث عن أمسيات اللقاء ... وجفوة معشوق إن جفاه!
ففي أم طفلته ما أفاء ... عليه الحبور وبرد الحياء!
وجنبه موبقات اليسار ... وشط به عن مغاني هواه!
فعاش صدوقاً نقي الأزار ... بعيد الأماني فيما ابتغاه
وكر الزمان وئيد الخطى ... وطفلته شغله الشاغلُ
يفيض عليها ضروب النعيم ... ويغمرها عطفه الشامل
فتعبر دنيا صباها الغرير ... وبيرحها عهده الآملُ
وتقبل في خطوات الشباب ... كظبي تأثرَّه الحابلُ
تميس ببرد جمال مهب ... يسانده خلق كامل. .
ومرت خطوب تشيب الوليد ... بما حل من هولها المفزع
فيوم حصار كيوم الوعيد ... اقضوا به ساكن المهجع
ويوماً يساق أبات الرجال ... إلى محشر دافق مترع
فنمهم اذاقوه مر العذاب ... ومنهم تولى فلم يرجع
ومن قام يتلو نشيد السلام ... أفاق على نغم المدافع