هي أحد لساني العمل. ومصاحبتها للكلام في إبانة الفكرة طبيعة في الناس منشأها ضعف العبارة وعجز اللغة عن تصوير ما يجول في النفس من خواطر ومشاعر. لذلك تجد حركات الجسم وملامح الوجه تشتد وتحتد كلما أصاب اللسان عي أو لكنة. ومن ثم كانت الشعوب ذات الخيال القوي والإحساس الشديد أكثر الأمم حركة وأشدها لهجة. والمرء إذا ما التاث عليه القول لنقص طبيعي في منطقة أو لضعفه في اللغة التي يعبر بها، اعتمد على هذه الدلالات المنظورة فمرنها وقواها كما ترى في الأخرس والبادئ في تعلم لغة جديدة. وأشد ما تكون الحركات قوة وظهوراً حين تثور النفس وتضطرم العواطف، فتتفجر من اللسان والجوارح والملامح. لذلك كانت الحركات عنصراً من العمل الروائي، وجزءاً من الفن الخطابي، لشدة انفعالاتهما وكثرة مفاجآتهما وازدحامهما عادة بالمواقف الثائرة أو الساخرة. على أن الحركات قد تقوم بنفسها مقام الكلام كما ترى في الخيال الشمسي والخيال الظلي والرقص التمثيلي مثلاً. وليس من شأننا أن نتعرض لهذه الأبحاث فلها فن آخر، وإنما حملنا على ذكر الحركات ذيادنا عن حق البلاغة في العمل الروائي والمسرحي، وقد مر شيء من ذلك عند الكلام عن العبارة، وربما عدنا إليهعند بحثنا في الدرامة.
الحوار: الحوار هو مطارحة الحديث بين شخصين أو ثلاثة على الأكثر، أما الرابع فقلما يكون له شأن في الحديث أو خطر. ومن الصعب أن تشركه فيه ما لم يكن دوره أن يظل صامتاً أثناء الحديث، أو يؤيد بعض المتحدثين بكلمات قليلة. وشرطه أن يكون جيد المناقلة، سديد المساجلة، حسن التقطيع، مطابقاً لموقف المتكلم وخلقه، متغير اللهجة والجرس تبعاً لمقتضى الحال، سريع الجواب قصير الخطاب، فلا يشبه دفاع المحامي ولا خطبة الخطيب، لأن ذلك يزهق روح الجاذبية ويبعث السأم في النفس. وأجدر الأساليب به أسلوب الطباق والمقابلة