أدب السندوتش هو أدب الفاقة والعجلة، وأدب المائدة هو أدب اليسار والوقار، كما سماهما الكاتب البليغ الأستاذ الزيات وأصاب في التسمية. لأنها تسمية وتوصيف وتعليل في وقت واحد
وقد ختم الأستاذ مقاله سائلا:(ليت شعري إذا خلت أمكنة هؤلاء النفر - أدباء الكهول - الذين نبغوا بالاستعداد والاجتهاد كيف تكون حال الأدب الرفيع في مصر؟ أيذهبون وبطئان ما يعوَّضون على رأي الأستاذ أحمد أمين، أم يذهبون وسرعان ما يخلفون على رأي الأستاذ العقاد؟)
وفي جواب هذا السؤال أيضاً لست من المتشائمين، لأن الجواب بعضه من سر المستقبل. وبعضه من حقائق الماضي؛ فان وقفنا من المستقبل بين الشك والرجاء فموقفنا من الماضي أدنى إلى رجاء المتفائل. وأقصى عن يأس المتشائم، بل لعله موقف لا يحمل في أطوائه غير يقين الرجاء.
قبل ربع قرن من الزمان كان أناس غير قليلين يسألون كما يسأل الأستاذ الزيات اليوم: ترى من يرفع لواء الأدب بعد أعلامه البارزين في هذه الآونة؟ ترى هل ينطوي اللواء بعدهم أو تهيئ له الأيام أكفاً تنشره كما نشروه وتعزه كما أعزوه؟
ولم يكن اسم واحد من الأسماء الستة أو السبعة الذين أشار إليهم الأستاذ الزيات معروفا تلك المعرفة التي تغني في إجابة السؤال؛ وربما كانوا مجهولين كل الجهل في غير مجال الأصحاب أو مجال المتطلعين المتسمعين إلى أبعد الأصداء؛ فكان الجواب الغالب على الألسنة أن المستقبل مقفر مدبر، وأن من مات فات وليس له لاحق بين ناشئة الجيل
فإذا سألنا في مفرق الجيلين مثل ذلك السؤال ورأينا البوادر تملي علينا مثل ذلك من الجواب، فليس من اللازم أن تصدق البوادر، وأن تنقضي خمس وعشرون سنة أخرى دون أن يخلف السابقين عوض من اللاحقين، وإن خفي نجمهم اليوم أو تراءى على الأفق ترائيا يتشابه فيه النجم والسديم
وإننا لنذكر اليوم الستة أو السبعة القائمين بأمانة الأدب وننسى الستين أو السبعين الذين