كان السيد محمد بهجت الأثري قد ناقش رأياً ورد في كتاب عزام باشا (الرسالة الخالدة) حول مسالة العدول عن النص إيثاراً للمصلحة، ونشرت هذه المناقشة في العدد ٧١٢ من الرسالة، وقد اطلع على هذه المناقشة السيد بامطرف من الكلام بحر موت، وعرضها على العلامة السيد عبد الرحمن ابن عبيد الله مفتي الديار الحضرمية، فأرسل في الموضوع: وهذا هو:
الجواب والله الموفق للصواب أن الحق فيما ظهر لي كان في جانب الأستاذ عبد الرحمن عزام ولكني رايته سلك من الإنصاف ما لا يلزمه حتى اقله إذ لم يزل مع الصواب في قرن فهو في مياسرة الدالة على طيب النية وصدق الإخلاص شبيه بذي الرمة إذ ورد الكوفة فاعترضه ابن شبرمة في قوله:
إذا غير النأي المحبين لم يكد ... رسيس الهوى من حب مية يبرح
وقال انه يدل على زوال رسيس الهوى لأن نفى كاد للإثبات فلم ينفصل وقد قال عنبسه حدثت أبي بذلك فقال أخطأ ابن شبرمة وكان لذي الرمة الانفصال إنما هو كقوله تعالى لم يكد يراها والمعنى انه لم يرها وهذه شبيهة بتلك وليس الأستاذ بأول من قال بالعدول عن النص إيثاراً للمصلحة العامة بل له في ذلك السلف الطيب من السادة المالكية والحنفية والشافعية وحسبه من الحنابلة قول أحد أئمتهم وهو العلامة ابن تيميه في منهاج السنة أن الله بعث رسوله صلى الله عليه واله وسلم بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقبلها اهـ.
وقال الشوكاني في المسألة مذهب المنع مطلقا وعليه الجمهور والجواز مطلقا اي وإن خالف المنقول وهو المحكي عن مالك والثالث أن كانت المصلحة ملائمة لأصل كلي أو جزئي من أصول الشرع جاز العمل بها وإلا فلا قال ابن برهان وهو الحق المختار والرابع أن كانت المصلحة طردية قطعية كلية كانت معتبرة وإلا فلا، واختاره الغزالي والبيضاوي اهـ.
ولن يعوز الأستاذ عزام المبرر ولا سيما من الثاني والثالث، وإشهاد الخليفة الثاني