(نحن هنا عند استهلال تطور يستطيع أن يحدث تجديداً في
الحياة الأدبية، أو قل يجلب ثروة إليها، ولا يكون هذا الجلب
وذلك التجديد إلا بعد نضال عنيف).
هكذا ختم الأستاذ المستشرق (بروكلمن) دراسته لمسرحية (مفرق الطريق) للدكتور بشر فارس. وذلك في الجزء الثالث من الكتاب الثالث لتاريخ الآداب العربية، وهو الكتاب الذي وقفه المستشرق السابق الذكر للأدب العربي المستحدث.
وبهذا الحكم نفتتح ردنا على مقال الأستاذ محمد متولي الذي نشرته (الرسالة) في عددها ٣٧٦، لنسكب في واعيته أن (مفرق الطرق) عمل أدبي إذا جرى النزاع عليه، فإنما هو يجري في معترك. . . أي معترك!
وآية ما نقرره أن الحديث حول هذه المسرحية يمتد من جديد بعد أن طوينا مكرهين صفحة منه مع (ناقد أديب) وأن المسرحية لا تبرح تشغل أذهان الأدباء، إما عن إعجاب وتقدير، وإما عن استغراب وبطء فهم.
الأستاذ متولي في مقاله المذكور يهدف إلى غرضين رئيسيين:
أولهما: أنه يريد أن يزيل الخصومة القائمة بين الدكتور بشر فارس والأستاذ الشاعر علي محمود طه، وهي خصومة أساسها - كما كتب عنها الأستاذ متولي نفسه في مطلع مقاله المذكور - أن بشر فارس نقد شعر الثاني فاتهمه بالإغارة والسلخ من المتقدمين والمتأخرين، فغضب الشاعر وانبرى يكيل له صاعاً بصاع، فاتهمه بأنه أخذ في كتابة مسرحيته (مفرق الطريق) من آراء وردت في قصيدة (القمة الباردة) للأستاذ الكبير عباس محمود العقاد، فكان أن نصب الأستاذ متولي نفسه قاضياً بين الخصمين، على ما بين التهمتين من اختلاف في الجوهر وملابسات الأحوال، ليقضي بأن الخصمين شريفان، وأن السرقة لم تقع من جانب واحد منهما، ودعم رأيه هذا بأن الفن ليس (فكرة)، وإنما هو