كان المغيرة بن شعبة من عظماء العرب في الجاهلية والإسلام، وقد اشتهر بالدهاء، حتى كان يقال له مغيرة الرأي، فلما أسلم قيل عمرة الحديبية لم يلبث أن ظهر شأنه في الإسلام، فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أموره، واستعمله أبو بكر في خلافته. وولى لعمر البحرين والبصرة والكوفة، وكان أول من وضع ديوان البصرة، وسلم عليه بالإمرة
وقد اتهم بالزنا في هذه القضية الكبرى، وكان والياً على البصرة عند اتهامه بهذه الجريمة الشنيعة، فتطلع الناس إلى هذه القضية الكبرى وما يجرى فيها، لأن القضاء قبل الإسلام كان قد فسد أمره في العالم، حتى صار حكمه يجري في الوضيع دون الشريف، ويتناول الضعيف دون القوي، كما فعل اليهود في حكم الزاني وقد أنزل رجمه في التوارة على موسى عليه السلام، فكان أول ما ترخصوا فيه أنهم كانوا إذا أخذوا الشريف تركوه، وإذا أخذوا الضعيف أقاموا عليه الحد؛ فكثر الزنا في أشرافهم حتى زنى ابن عم ملك لهم فلم يرجموه، ثم زنى رجل آخر من قومه فأراد الملك رجمه، فقام قومه دونه، وقالوا: والله لا ترجمه حتى ترجم فلاناً - لابن عم الملك - فرأى اليهود أن يضعوا شيئاً دون الرجم يكون على الشريف والوضيع، فوضعوا الجلد والتحميم وحرفوا بذلك الحد الذي أنزل الله عليهم، وقد نزل في ذلك قوله تعالى في الآية - ٤٣ - من سورة المائدة (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين)
وما كان الإسلام ليعيب على اليهود تفريقهم في القضاء بين الشريف والوضيع، ثم يقع فيما وقعوا فيه، فلم يفعل مع المغيرة إلا أن أنزله من كرسي الإمارة إلى مجلس الاتهام، ليعلم الناس أنهم سواء في الإسلام، وأن شأن القضاء فيه أكبر من المغيرة ومن فوق المغيرة
وكان الذي اتهم المغيرة بالزنا أبا بكرة نفيع بن الحارث الثقفي مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان بينه وبين المغيرة منافرة لم يذكر المؤرخون سببها، ولعلها ترجع إلى أن