للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في الأدب الشرقي]

الأدب الفارسي والأدب العربي

للدكتور عبد الوهاب عزام. أستاذ بكلية الآداب

(٢)

ولا ننسى بعد أن اللغة الفارسية بقيت لغة الدواوين المالية في إيران حتى زمان عبد الملك بن مروان.

ولا ريب أن اللغة الفارسية بقيت لغة التخاطب في إيران بين العامة على الأقل، ولا سيما في القرى والنواحي البعيدة، فأنا قد وجدناها منذ القرن الرابع ترتقي إلى أن تكون لغة الآداب؛ واللغة لا تموت جملة واحدة ولا تخلق جملة واحدة. على أن كثيراً من الدلائل يثبت إنها كانت لغة الكلام في هذه الفترة أي قبل عصرها الأدبي الحديث، وقد انتقلت منها كلمات كثيرة إلى البلاد العربية مع النازحبن من الفرس وتأثرت بها لهجات بعض العرب.

فرسل عبد الملك بن مروان إلى المختار بن أبي عبيدحينما جاءوا معسكر ابن الأشتر , ,، لم يسمعوا كلمة عربية، وعبد الله بن زياد وهو أمير عربي كانت فيه لكنة فارسية (أخذها من زوج أمه) (والفرس الذين عرفوا العربية لم يخلصوا من لغتهم ولهجتها) وقد روى الجاحظأن الحجاج قال لنخاس فارسي: أتبيع الدواب المعيبة من جند السلطان؟ فقال: (شريكاتنا في هوازها وشريكاتنا في مدائنها وكما تجيء تكون) قال الحجاج ويحك ما تقول؟ فقال بعض من كان اعتاد سماع الخطأ وكلام العلوج بالعربية حتى صار يفهم مثل ذلك: يقول شركاؤنا بالأهواز والمدائن يبعثون إلينا بهذه الدواب فنحن نبيعها على وجوهها. وأبو مسلم الخراساني على فصاحتهالتي جعلت رؤبةابن الحجاج يقول: ما رأيت أعجمياً أفصح منه (كان لا يستطيع النطق بالقاف) وقد رؤى المؤرخون أن إبراهيم الإمامحينما أوصى أبا مسلم قال له: وان استطعت ألا تبقي في خراسان لساناً عربياً فافعل. مما يدلنا على أن لغة الجمهور كانت فارسية. ونجد الشاعر العماني يتملح بذكر الألفاظ الفارسية في مدائح الرشيد

ويحدثنا الجاحظ أن لغة أهل البصرة بل لغة أهل المدينة كان بها كثير من الكلمات الفارسية في أيامه، يدلنا على بقاء الفارسية وتأثيرها البعيد، ويحدثنا أيضاً أنه سأل خادماً له إلى من

<<  <  ج:
ص:  >  >>