فهذه الإسكندرية التي يحاول البعض أن تطغى على عروبتها كليوبطرة والبطالة الأغارقة! هي كما ترى في تاريخنا الحي الذي ننحدر من أصلابه: كانت موئل المجاهدين والمقاتلين والمثاغرين الذين لم ترهبهم قوة الحدثان، ولا أخافهم بأس العدو ولا هد من عزيمتهم توالي الخطوب.
ولذلك عاشوا وفي قلوبهم - كما قلت - نخوة وحماسة ودفعة، وفي أخلاقهم بأس المجاهدين والمرابطين، وفي عروقهم دماء أولئك الأبطال، الذين كانوا يقومون كل عام بالصائفة في بلاد الروم، ويحشدون الحشود إلى آسيا الصغرى وإنطاكية وثغورها. فأين هم والأغارقة؟!. ولماذا لا تسمي الأشياء بأسمائها؟!.
ومن الغريب أن أسلافنا لم يغمطوا القدماء حقهم!!.
فقد ذكر المقريزي في خططه:(أن المدينة أعظم مدائن الدنيا وأقدمها وضعاً). ونقل عن وصيف شاه:(أن العمارة كانت ممتدة من رمال رشيد إلى الإسكندرية ومنها إلى برقة.) فكيف يأتي إلى عصرنا من يغمط حق أسلافنا؟ ومع هذا فالعمران الذي كان سائداً في القدم تولاه بعنايتهم المسلمون في أيامهم، فقد ذكر جغرافيو العرب أن هذا العمان يبقى وزاد بدليل ما جاء من وصف البلاد بين سخا والإسكندرية، وما ذكروه عن الحمامات والمساجد والأسواق على الطريق ووصفهم لزراعة الكتان ومعاصر زيت الفجل، وما كانت عليه المدينة من رواج الصناعةوالتجارة، واحتكارها للتوابل وطرق النقل بين الشرق والغرب. . فأين هذا مما يدعون من الخراب والفوضى وحشر هذا دائماً مع العروبة والإسلام؟!.
فإذا تركنا العصور الأولى ودخلنا العصور الوسطى كما يقولون: أراني على حق إذا أشرت إلى ما جاء به الدكتور جمال الدين الشيال في العصر المملوكي: من ذكره ما أدخل على نيابة الإسكندرية من محاسن ووصفه كيف كان يخرج نائبها بالموكب الرسمي من دار