تكلمنا فيما مضى عن الشخصية وماهيتها، وقلنا أنها قد توهب بالفطرة، وقد تكتسب بالتربية الحق، وبينا أن الناس يختلفون في شخصياتهم كما يختلفون في ذكائهم وميولهم الفطرية، وذكرنا من العناصر الرئيسية المكونة للشخصية القوية ثلاثة عناصر وهي: الجاذبية، والنشاط العقلي، والمشاركة الوجدانية. واليوم نتكلم عن العنصر الرابع وهو الشجاعة فنقول:
ربما كانت الشجاعة أهم عنصر من عناصر الشخصية القوية في أوقات الرخاء والشدة على السواء، ولكن ما الشجاعة؟ الشجاعة قوة بها يتمكن الإنسان من السيطرة على قواه مع ضبط نفسه وقت الخطر الذي يهدده، سواء أكان ذلك الخطر حقيقيا أو وهميا.
وكما أن الشجاعة فضيلة في الجندي والملاح فكذلك هي فضيلة في غيرهما من بني الإنسان وهي خير مقياس يقاس به الشخص في أوقات الشدة حيث يتطلب الثبات أو الأقدام. وبهذا المقياس يمكن وضع الشخص في مرتبته الخاصة بين الشجعان أو الجبناء وبين العظماء أو العاديين.
وقد قيل، وقيل حقا، أن الشجاعة تتوقف على القوة الجسمية والعصبية والعقلية والخلقية التي لدى الإنسان. وأن المدنية الحاضرة قد قللت من الشجاعة يبن الأفراد، فقد صرح أحد النظار السابقين لمدرسة (أيتون) الإنجليزية المشهورة بأنه رأى غلاما قد دخلت في عينه ذبابه، فحاولت أمه وأخواته الثلاث إخراجها بغير جدوى، ولم يكن الأمر بحاجة إلى أكثر من يتحمل الولد الألم دقيقة واحدة، ولكنه لم يتحمل الألم دقيقة - إن كانت هناك آلام. فأخذ في عربة إلى طبيب في مدينة تبعد خمسة أميال عن القرية. كل هذا من أجل شئ يسير كان في استطاعة أي فرد من الأسرة أن يقوم به بسهولة.
هذه حكاية عن شبان الأمس وأمهات الأمس بإنجلترا. أما اليوم