للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قابليات العناصر البشرية]

للدكتور جواد علي

نشر الكاتب السياسي الفرنسي (كراف كوبينو) كتاباً في أربعة مجلدات ظهرت بين عامي ١٨٥٣ - ١٨٥٥ بعنوان (عدم مساواة العناصر البشرية): ? فأثار على مؤلفه سخطاً شديداً ولا سيما من الهيئات الكاثوليكية وأنصار مبادئ الثورة الفرنسية، كانت نتيجته طرد الرجل مراراً من السلك الدبلوماسي الذي كان ينتسب إليه.

وقد استقى كوبينو آراءه من مصدرين: مصدر التتبع والبحث الشخصي الذي قام به خلال تمثيله السياسي للحكومة الفرنسية في طهران والهند والبلقان، ومصدر العلم الطبيعي الذي طغى إذ ذاك وتغلب على الطريقة القديمة باعتماده على التجارب والاختبارات. فقال باختلاف الأجناس وتباين العناصر البشرية كما هو الشان في النباتات والحيوانات وقد كانت هذه نظرية قال بها العالم الألماني ألنتروبولجي بلومنباخ (١٧٥٢ - ١٨٤٠)، والعالم الفرنسي كوفيبه (١٧٦٩ - ١٨٣٢). غير انه زاد عليهما بنظريته في اختلاف القابليات البشرية والإنتاج المدني والثقافي، فوصل إلى أن التاريخ البشري والحضارة البشرية نتيجة عقلية واحدة، هي العقلية الآرية التي تشتمل الشعوب الأوربية والهندية الأوربية. ويخص من هذه الشعوب أيضاً الشعوب الجرمانية بأعلى القابليات في الاختراع والابتكار والسيادة والإرادة والزعامة في جميع نواحي الحياة.

وكانت أول أرض أجابت هذه الدعوة هي الأرض الألمانية التي بدأت تنمو فيها الروح القومية، وتظهر بأجلى مظاهرها، ورسالة الفيلسوف الألماني فخته بعثت فكرة القوميات في أوربا وهيأت الجو ولا شك لمثل هذه الآراء. وكذلك فلسفة هيكل الذي قسم العالم إلى أدوار بدأ فيه بالدور الشرقي وانتهى بالدور الجرماني الذي هو في نظره خير الأدوار العالمية وأكملها. أضف إلى ذلك كتابات المؤرخ الألماني الشهير (ترايشكه)، والكاتب الاجتماعي الوطني فردريش جان وغيرهم، والوحدة الألمانية التي قام بتأسيسها بسمارك، وآراء نيتشه في القوة وتمجيده للحرب.

ومن أشهر من تأثر بهذه النظرية الكاتب الإنكليزي الألماني شامبرلين ١٨٥٥ - ١٩٢٧ مؤسس الفلسفة النازية الأولى وأول فيلسوف يعتبره أتباع هتلر من بين صفوفهم. والرجل

<<  <  ج:
ص:  >  >>