للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[علم النبي بالغيب]

للأستاذ ناصر سعد

ذكرت لنا كتب التاريخ الإسلامي أن النبي (ص) كثيراً ما كشف عن حوادث لا يعرف سرها إلا أصحابها، وكثيراً ما أنبأ عن حوادث المستقبل فكانت كما قال. إن النبي ولا شك كان يعلم الغيب فيخترق بعقله أو بروحه الحجب ويعرف حقائق أسرار الكون، وكل ذلك بقوة إلهية وهبت له كنبي عظيم جعله ربه خاتما لأنبيائه، ولا مجال لتكذيب هذا الأمر اليوم بعد أن أقر علم النفس الحديث (قراءة الأفكار) واثبت علم الأرواح أن بالإمكان إحضارها ومحادثتها، وإن بعض نجاح الأناس العاديين بهذين العلمين هذا الزمن لهو خير دليل على تمكن النبي (ص) من اختراق حجب السماء والاتصال بالأرواح الخيرة والملائكة، لأنه زيادة على السر الإلهي المودع فيه ذو نفس أكبر وأزكى، وذو عقل أوسع وأنمى من عقول البشر. ونقول إنه سر إلهي أودعه محمدا (ص) بعد البعثة؛ إذ لو لم يكن كذلك لظهر له من المعجزات قبل بعثه ولتحدث عنها التاريخ. ولما كان في تلك الحوادث متعة وفي عرضها إظهار لعظمة النبي أحببنا أن نعرض بعضها على باصرة القارئ؛ فنقول إن من تلك الحوادث:

حادث عمار بن يسار (رض) لما دخل على الرسول (ص) وقد أرهقه قريش بالأذى وحملوه وأثقلوه باللبن فقال (يا رسول الله! قتلوني، يحملون على ما لا يحملون) فقال رسول الله (ويح أبن سمية ليسوا بالذين يقتلونك. إنما تقتلك الفئة الباغية) قيل وسمع رسول الله (ص) يقول (ألا لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض فإن الحق يومئذ لمع عمار) ولما كانت صفين خرج عمار على رأس كتيبة لعلي بن أبى طالب (ص) فطعنه أحد رجال معاوية فانكشف مغفره عن رأسه فضربه الرجل على رأسه فقتل (ض)

ومنها أن النبي (ص) لما خرج إلى العشيرة ونزل بها ذهب علي بن أبي طالب (ض) وعمار بن ياسر (ض) إلى عين ماء ونخل لبني (مدلج) فنظرا كيف يعمل أهلها ثم عشيهما النوم فناما وسفت عليهما الريح التراب وما هما إلا برسول الله (ص) يوقظهما قائلا لعلي: (مالك يا أبا تراب؟ - لما عليه من التراب - ثم قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قالا: بلي يا رسول الله. قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذا -

<<  <  ج:
ص:  >  >>