للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الفروق السيكلوجية بين الأفراد]

للأستاذ عبد العزيز عبد المجيد

ذكرت في المقالين السابقين آراء بعض الفلاسفة والمربين ومعلمي البيان في الفروق السيكلوجية. وأشرت إلى أنهم طبقوا نظرية الفروة السيكلوجية في الحياة العملية. فقد بنى أفلاطون نظام التربية في المدينة الفاضلة على هذه النظرية، كما وجه فيتو رينو دافلتري تلاميذه إلى الدراسات التي يصلحون لها بطبعهم، وأوصى روسو أن تترك لأميل حرية اختياره العمل الذي يتفق وميوله الفطرية.

غير أن هؤلاء الفلاسفة والمربين قد استنبطوا آراءهم استنباطاً من الملاحظة العامة لتصرفات الأفراد وسلوكهم، فلم تكن إذاً هذه الآراء علمية مبنية على التجربة والبحث والإستقرائي، وذلك طبيعي لأن علم النفس ما أصبح علماً مستقلاً بالمعنى العلمي إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأعني بذلك أنه اتبع في دراسة موضوعاته التجربة والإحصاء والطريقة الخطوات الأربع:

١ - ملاحظة الظواهر المختلفة للنوع الواحد في موضوع البحث

٢ - جمع المتشابه من هذه الظواهر.

٣ - اقتراح بعض الفروض لشرح هذه الظواهر وتعليلها

٤ - إجراء بعض التجارب لإثبات صحة الفرض أو الفروض المقترحة.

ولم يعتن علماء النفس بموضوع الفروق السيكلوجية إلا في الربع الأخير من القرن الماضي. على أن دراسة الاختلافات البشرية بين الأفراد دراسة منظمة، وقياس هذه الاختلافات، وتحديد آثارهم لم تنشط إلا في القرن العشرين.

ويعتبر فرانسيس جولتن أول من بحث في موضوع الفروق الفردية بطريقة منظمة مبنية على الإحصاء. ومن الحق أن نذكر أن دارون هو الذي مهد السبيل له - ولغيره ممن عنوا بموضوع الفروق السيكلوجية الفردية - بنظرياته البيولوجية كنظرية النشوء والارتقاء، ونظرية الوراثة في النبات والحيوان. وقد عاصر جولتن دارون وصدق بنظرياته. وكان دارون وراثي المذهب، وفي هذا يقول: (أن التربية أو البيئة لا تؤثر إلا قليلاً في عقل الأفراد ومواهبهم، وأغلب صفات الأفراد وخواصهم ولدت معهم) أعتمد جولتن على

<<  <  ج:
ص:  >  >>