للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نظريات دارون في بحوثه وبخاصة في علم إصلاح النسل البشري الذي لم يسبق جولتن أحد إلى الكتابة فيه. فهو أول من وضعه. ويعرف هذا العلم (بأنه دراسة العوامل الاجتماعية والبيئية التي يمكن ضبطها، والتي تؤثر بالإيجاب أو السلب في تحسين الصفات الجسمية أو العقلية للأجيال البشرية المقبلة) وتشمل هذه الدراسة دراسة الفروق السيكلوجية الموروثة، وأثر البيئة في هذه الفروق. ويمكن إجمال رأي جولتن في أسباب هذه الفروق في عبارته (لقد أصبح من المؤكد أن الإنسان إنما هو إنسان نتيجة لمؤثرين: أولاً لما به من الصفات الأبوية والجنسية الموروثة، وثانياً لما تحدثه فيه البيئة التي يعيش فيها)

وقد وقف جولتن حياته وجهوده على دراسة الفروق الفردية بين أشخاص بذواتهم، وأسرات بذاتها، وهو يقول في مقدمة كتابه المسمى (بحوث في القوة البشرية) ما يأتي:

(كانت غايتي فيما قمت به من بحوث أن أدرس القوى الوراثية المختلفة لأفراد مختلفين، وكذلك أدرس الخصائص المختلفة لأسرات مختلفات وشعوب مختلفة، وأن أعرف إلى أي حد يمكن أن نعوض عن النقص الوراثي بعناصر تربيوية، وقد فكرت في أن من الواجب أن نقوم بهذا التعويض بقدر ما تسمح جهودنا وظروفنا. وبهذه الطريقة يمكننا أن نعجل إصلاح الجنس البشري وتطوره حتى لا يقاسي من المتاعب ما يقاسي لو ترك وشأنه يسير في تطوره الطبيعي) وكان جولتن قد نشر سنة ١٨٦٩ كتابه (النبوغ الوراثي) وبه كان أول عالم حاول دراسة أثر الوراثة في نبوغ الأفراد دراسة منظمة، وقد اتخذ في كتابه هذا منهجين علميين للبحث: أحدهما هو دراسة تاريخ الأسرة

طريق التلازم درس في كتابه هذا بعناية حياة أفراد ٩٧٧ أسرة اشتهرت كل واحد منها بوجود نابغة فيها في ناحية: في الشعر أو الكتابة أو السياسة أو الخطابة أو العلوم أو الفلسفة الخ، كما درس أيضاً نوع المهن التي أحترفها كل واحد من هؤلاء الأفراد، وطبيعة هذه المهن، ومقدار إنتاج الفرد في مهنته، ثم عالج ما وصل إليه من معلومات بطريقة إحصائية لا حاجة لذكرها هنا. ولكنه استخلص من هذه الدراسات أن إمكانية وراثة النبوغ في الأسرة التي بها نابغة تبلغ ١٣٤ مثلاً لإمكانية وراثة النبوغ في أسرة عادية. ومن هذه النتيجة يرى أن المواهب العقلية عند الأفراد موروثة، وأن النبوغ الذي نجده بين عدد كبير

<<  <  ج:
ص:  >  >>