للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من روائع عصر الأحياء]

قصص الأيام العشرة

بقلم جوفاني بوكاشيو

للأستاذ محمد عبد الله عنان

من أثار عصر الأحياء الخالدة قصص بوكاشيو الشهيرة المسماة (ديكا أمروني). وقد مضى على ظهور هذا الأثر الرائع زهاء ستة قرون؛ بيد أنه ما زال حتى عصرنا يحتفظ بروعته وسمو خياله وفنه، وما زال يتبوأ مكانه بين الآثار العالمية الخالدة

وقد أوحت إلى بوكاشيو كتابة أثره حوادث مروعة شهدها وهزت نفسه إلى الأعماق، فأذكت خياله، وانتزعت من قلمه تلك القصص الساحرة التي تصور لنا كثيراً من العصر وخلاله أصدق تمثيل وأمتعه

كتبها بوكاشيو وأشباح الفناء تحتشد من حوله، والموت الذريع يقطف أزاهير المجتمع من كل الطبقات والأعمار؛ والتمس بكتابتها عزاء لنفسه وعزاء لمجتمعه عما نزل به من أهوال الفناء، ولتكون باعثاً إلى النسيان والمرح. وكان بوكاشيو يومئذ في نحو الخامسة والثلاثين من عمره، في ذروة الفتوة والنضج، فجاءت هذه القصص أروع آثاره، وعنوان مجده، واتخذت مكانها بين أعظم آثار عصر الأحياء

ولد جوفاني بوكاشيو في سنة ١٣١٣ م في باريس من أب إيطالي وأم فرنسية، ونشأ في فلورنس موطن أسرته، وتلقى فيها تربيته، وشغف منذ حداثته بالشعر والأدب، وتأثر أيما تأثير بشعر فرجيل؛ وكان أول آثاره قصة غرامية عنوانها (فيا ميتا) وهي فتاة حسناء يظن أنها تمثل فتاة حقيقية هام بها بوكاشيو، وأظهرها في شخص فيا ميتا، والمظنون أيضاً أنه يصف حبيبته هذه في شخص بطلة قصته الأخرى (فلسكوبو). وتجول بوكاشيو في المدن الإيطالية، وعاش حيناً في نابل، في عهد ملكها روبورتو وملكتها الفتية الحسناء جوفانا (جنه)، واتصل ببلاطها الساطع النحل معا، وكتب فيها بعض قصائده وقصصه، ومنذ سنة ١٣٤٢ نراه يستقر مع أسرته في فلورنس، ويحاول أن يفوز بمنصب في الحكومة أو مركز أدبي يعيش منه؛ وقد لفتت كفاياته الحكومة غير بعيد، فأوفدته سفيراً إلى حكومة

<<  <  ج:
ص:  >  >>