للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الكتب الموجزة كأداة تعليم وتثقيف]

للأستاذ إيليا حليم حنا

ما هي الكتب الموجزة؟

أقصد بالكتب الموجزة الكتب التي تعطينا الفكرة الأساسية المتماسكة المشوقة عن الموضوع بشكل عام دون أن نخوض في دقائقه فتثير رغبتنا في الاستزادة، فنجري وراء التفاصيل في مصادر أخرى فتكون بذلك سلماً ووسيلة تشويق للإلمام بالموضوع وحافزاً لقراءة الكتب المطولة الأصيلة.

وهذه الكتب هي الطريق إلى مدارك العامة وقلوبهم يجدون فيها غذاء لا يتعب الذهن في تلقفه، أنها لا تتناول الاصطلاحات الفنية والتفاصيل العلمية المعقدة. وهي لا تفيد العامة فقط، فإنها ذات فائدة كبيرة للخاصة الذين يشغلهم موضوع واحد قد لا يتسع وقتهم لغيره فتكون لهم في النواحي المختلفة الأخرى أداة تثقيف قيمة في نواحي مغايرة.

ولا يقصد بهذه الكتب تلك الملخصات التي تعطي نتفاً من الموضوع من هنا وهناك دون تماسك وتشويق من باب العلم بالموضوع فقط، فإن هذه ضعيفة الأثر تكاد لا تثير الرغبة في القراءة، لأن مادة هذه الملخصات أشبه بجسم معلق في الهواء لا يرتكز على حامل يحمله. وهذه الكتب التي لا تتناول الموضوع كوحدة متماسكة مشوقة هي العامل الأول الذي لا يجعل المتعلمين يقبلون على القراءة بعد تخرجهم في مدارسهم ومعاهدهم. وطالب العلم في مراحل دراسته المختلفة يركز الفكرة المبتورة على الحافظة والاستنكار، وليس على التفكير السليم والرغبة، فيعاني كثيراً في حفظ ووعي الملخصات المدرسية التي لا ترابط بينها، ويحاول أن يبقيها بالتكرار، ثم لا يلبث أن ينساها، ثم يعود من أجل الامتحان فيستذكرها وهكذا، وتكون النتيجة أخيراً أن ينفر من المواد التي درسها في المدرسة، ولا يحاول أن يقرأ ما يمت إليها بصلة بعد أن ينتهي من مرحلته الدراسية، لأن معلوماته كانت ملخصة تلخيصاً بعيداً عن مبدأ الكلية، أي إدراك الشيء وتذوقه كوحدة حية قبل فحص طريقة تركيبه من أجزاء مختلفة. والشخص منا يرى الزهرة كلها فيجذبه منظرها وشكلها، وإنما لو قدمت له أول مرة يراها فيها مشرحة إلى أجزاء لا تماسك بينها ولا اتساق، فإنه لا يلبث أن يلقي بها الناحية الكلية عند تقديمها تكون أشبه بأشلاء مبعثرة لا ترابط بينها ولا

<<  <  ج:
ص:  >  >>