من حق القراء الأعزاء وقد راسلني منهم كثيرون لا تربطني بهم غير رابطة الفكر، وتفضل بزيارتي غيرهم سائلين عن الديوان الذي انتظروه أكثر من ستة أعوام، وأنتظره الإسلام والمسلمون أربعة عشر قرناً - ومن حق ناظمة على أن أقدم له بمزاياه، ومنزلته الأدبية، وصورة واضحة للملحمة الإسلامية ومكانتها من الملاحم الغربية، ولمن تفصيل هذه المقدمة طويل، وأنا أحرص ما أكون على الحيز الذي تكرم به الأستاذ الزيات بك على الديوان وناظمه، فحسبي أن أذكر اليوم في تقديم الديوان أن (محرماً) قد عمد إلى أروع الحوادث في تاريخ غزوات الرسول وإلى أشهر البطال، من وجهة نظرته الشعرية وسجل في شعره الرصين مالهم من مواقف مجيدة وأعمال خالدة.
وقد خالف شعراء الملحمة العربية، فكانت تغلبه عاطفته فيترجم عن شعوره بطرقة مكنته من أن يطيل الوقوف على حوادث هينة، وأن ينفذ إلى صميم المعاني وستقصى التفصيلات وبصورة الأبطال صوراَ كاملة.
وإلى أن تسنح الفرصة التي نعود فيها على بدء، أرجو أن يطالع القراء ديوان مجد الإسلام أو الإلياذة الإسلامية على هذا الضوء؟
مطلع النور الأول
من أفق الدعوة الإسلامية
أملأ الأرض (يا محمد) نوراَ ... وأغمر الناس والدهورا
حجبتك الغيوب سراَ تجلى ... يكشف الحجب كلها والستورا
عب سيل الفساد في كل واد ... فتدفق عليه حتى يغورا
جئت ترمي عبابه بعباب ... راح يطوي سيوله والبحورا
ينقذ العالم الغريق ويحمى ... أمم الأرض أن تذوق الثبورا
زاخر يشمل البسيطة مدى ... ويعمم الأرض أن تذوق الثبورا