للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأحلام]

للأستاذ عبد العزيز جادو

الأحلام - كما درسها بعض العلماء - تبين اشتغال الشعور الباطن، وتقيم الدليل على تلك المشكلة التي طالما حير الإنسان فهمها. والحلم حالة نفسية يشتمل على ما نراه في نومنا من صور وتمثلات غريبة في الترتيب عجيبة في الظهور. وهذه لا تتكون دائماً من الأشياء والشئون المعلومة لدينا في اليقظة، بل قد تكون أشياء وأموراً نجهلها تماما. وللأحلام معنى مهم يتعلق بتوازن حياتنا اليقظة وليس اللاشعور مجرد نظرية، ولكنه جزء من الطبيعة البشرية التي يمكن أن تظهر بواسطة الأحلام. فلكي نفهم الحلم علينا أن ندرك معنى اللاشعور. الشعور هو جزء صغير فقط من شخصيتنا. أما اللاشعور - الذي يتألف غالباً من التأثيرات، والنزعات الموروثة والمكتسبة، والرغبات الجنسية المكبوحة - فيكون الجزء الأكبر من الذات الحقيقية

فإذا كانت هذه الحياة اللاشعورية غير منسجمة مع الذات الشعورية فإنها ستستولي علينا بالتدريج وتتلف فهمنا للحياة. هذا من حيث إمكان مساعدة الأحلام لنا

إننا جميعاً نرغب في أكثر مما نملك. ولما كان الطموح هو ينبوع الحياة، فإن النزعات المكبوتة يمكن أن تقلب حياتنا المنتعشة إلى حياة خاملة. فالأحلام تمهد السبيل للتهرب من الحقيقة، وفي الأحلام يقوم الناس بما قد يكون مستبهماً عليهم في عالم الحقيقة

كثير من الأحلام يأخذ صورة إرضاء الرغبة - والرغبة يمكن أن تميَّز بسهولة، ولكن هناك كثيراً من الرغبات الغامضة. وهذه الرغبة الغامضة هي التي تسبب معظم القلق. وفي اللاشعور يكتمن الكثير من الرغبات الغريزية التي لا يمكن أن تكون مرضية في الحياة العادية من غير ما تناقض مع الدستور الاجتماعي للفرد، واحترامه الذاتي

وهكذا نرى أن الميول التي نرضيها ونشبعها أثناء النهار لا تحتاج إلى إرضاء في الأحلام

والأحلام ربما تكون في أصل جنسية، سواء أكانت الذكري من الطفولة المبكرة أم من الكبت الحالي، أو ربما تكون متعلقة بذوي القربى في صورة رغبة لا شعورية لموتهم أو لبعدهم؛ أو ربما تكون أيضاً شهوة للقوة. هذه الأمثلة غالباً ما تكبح ولا يسمح بظهورها، لأنها متناقضة مع الحياة اليومية، الحياة الواعية الشعورية، ولأن الرقيب من جهة أخرى

<<  <  ج:
ص:  >  >>