للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يمنعها من الظهور بضغطه عليها. ولكنها قادرة على إظهار نفسها أثناء النوم عندما تتعطل الحواس وتنقطع عن العمل، وتكون الرقابة الأخلاقية على العقل الواعي مسترخية عندئذ يدأب اللاشعور في عمله فينسج لنا حياة أخرى يعيش المرء فيها غاطً في احساساته وتصوراته وانفعالاته وآماله المكبوتة التي لم يتمكن من تحقيقها، فتتجسم إذ ذاك تلك الاحساسات والتصورات، وتتوالد وتظهر منها سلسلة وقائع قد تكون من الغرابة بمكان. إلا أن هذى الرغبات لا تجرؤ على الظهور بمظاهرها الحقيقية حتى ولا في الأحلام، بل تتستر وراء أشكال ورموز ظاهرها برئ

وهذا هو السبب في أن أكثر الأحلام من الماضي والحاضر، ومجموعة مختلفة من الناس؛ وهذه التمثلات تتلون غالباً بصور معاني ما اختزنه الإنسان في عقله الباطن في حالة صحوة ويقظته. كما أن الأفكار والرغبات وآثار الأعمال، وما يُلقَّن عن الغير من صفوف الإيحاء قد تكون مادة الأحلام وأشكالها

ومن هنا تنشأ الفكرة بأن الأحلام ما هي إلا صحيفة أخرى من صفحات حياتنا الكثيرة، ومظهر آخر من مظاهر فعالية النفس

ويهمنا هنا أن نعرف أن الحلم - إذا حاولنا استعادته عند استيقاظنا من النوم - كثيرا ما يمحى منه أثر أشياء كبيرة الأهمية، ويحل محلها عند اليقظة عمل آخر للرقيب، بواسطته يُنسى الجزء المكبوت من الحلم

وإذا ترسّم الحالم ارتباط عدة أحلام فلا ريب في أنه سيجد أنها جميعاً تتجه إلى نقطة واحدة في حياته، هي مركز الكبت، نقطة البداية لميله الحالي

هذى هي الأحلام التي تتعلق باللاشعور، والتي تمدنا بالدليل على تناقضنا. إلا أن هناك عناصر معروفة تنشأ عنها الأحلام العادية هي:

١ - التأثيرات التي تأتينا من الداخل كامتلاء المعدة، وسوء الهضم، أو عدم انتظام الدورة الدموية وارتباك المخ. وهذه كلها أو بعضها يسبب في الغالب أحلاماً مزعجة نسميها بالكابوس

٢ - الذكريات المحفوظة في أعماق اللاشعور. بيد أن هذه الذكريات تتولد منها أفكار أخرى تناسبها فيتوسع النطاق فيبني صروح أحلام شامخة

<<  <  ج:
ص:  >  >>