الآن تحدث الأستاذ شاكر - حديثاً ما - في الموضوع الذي نحن بصدده، وإن كان حديثاً (رافعياً) على الطريقة التي بينت ما فيها من استغلاق وقصور، ولكنه على أية حال شئ غير اللمز والتعريض - وإن لم يخل منهما - فالآن يستطيع الإنسان أن يلقي باله إلى هذا الذي قيل
ولما كانت لي بقية من حديث عن الرافعي، فسأجعل نقاشي مع الأستاذ شاكر، بقية لهذه البقية في كلمة أخرى
وعدت أن أعرض من أساليب الرافعي نماذج غير ما عرضت تأخذ في نهج آخر، ولكنها تصل إلى الهدف الأول، من إثبات طبيعته كما عرفها، بالنماذج والأمثلة
وأنا ماض في طريق هذا، لا يحولني عنه ما يبدو من بعض أصدقاء الرافعي من تعريض أو إثارة؛ ولن يستفزني ما يكتبون فأحيد عن نهجي الهادئ
وطريقتي في هذا الموقف أن الرافعى قد مات، وله نوع من الأدب، فسأناقش أدبه هذا، وما يدل عليه من نفسه وذهنه نقاش الناقد المطمئن لما يقول
وله أصدقاء أحياء، فسأناقشهم حسبما يكونون هم: نقاداً أو متهجمين. ولن أخلط بينه وبينهم في الحساب، فلا ذنب للرجل فيهم، ولا تبعه علية بعد موته فيما يصنعون!
تلك طريقتي. وهي ترضيني. . .!
قلت: إن الرافعي أديب الذهن، ولكنه الذهن الملتوي المعاظل المداحل. واليوم أقول هذا، وأزيد عليه: أنه (الذهن الشكلي) الذي تلهيه الأشكال والسطوح عن الكنه والأعماق، والذي لا يلمح فرقاً بين صورة وصورة، مادام ظاهرهما متشابهاً. فإن أراد أن يطبق أمراً على أمر، أخذ في قياس الزوايا والخطوط ولم يلق باله لحظة إلى ما في طبيعة كلا الأمرين من خلاف أو زيادة ونقص في بواطن الأجزاء. وإليك البيان:
(القمر) كوكب لا يشرق إشراقه ألا في الليل والظلام، و (الحبيبة) تعود الناس أن يشبهوها بالقمر و (هي) لا تشرق إشراقها إلا في إبان (الحب)