للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[العلم الحديث ينصف العرب]

العصور المظلمة تسمية تاريخية خاطئة

للأستاذ بشير الشريقي

هذا هو الموضوع الطريف الذي أثاره في هذه الأيام الدكتور جورج سارتون أستاذ علم التاريخ في جامعة وشنطون، وإني أنقله فيما يلي كما لخصته مجلة (أخبار العلم في عددها ٦٧٤ سنة ١٩٣٤

(ليعلم المؤرخون المعاصرون بأن (العصور المظلمة) لم توجد حقيقة؛ من الجائز أن غربي أوربا قد عانى المتاعب خلال القرن السادس حتى العاشر الميلادي من جراء تراجع الثقافة الرومانية التي لم ينعم بها غربي أوربا الاّ زمناً قليلاً؛ وان المشعل الروماني قد همد تحت أقدام البرابرة المهاجرين؛ ولكن نور الثقافة لم يخمد أبداً في الأرض التي تطل على شرقي البحر الأبيض المتوسط، والتي هي الوطن الحقيقي والطبيعي لما نسميه خطأ (بالمدنية الغربية)

لقد انتقل مصباح الثقافة الدري من أيدي اليونان البيزنطيين إلى أيدي العرب الفاتحين المؤمنين بالله وبمحمد، وكان في أيديهم أكثر تألقاً وبهاء.

إن سبب اضطراب آراء مؤرخي القرون الوسطى هو أنهم وان كانوا يجيدون اللغة اللاّتينية، فقد كانوا يجهلون اللغة العربية جهلاً تاماً، على حين كان كل تقدم في العلم والثقافة، يسجل منذ عهد محمد حتى منتصف القرن الثاني عشر باللغة العربية.

ولكن هذا لا يعني بأن مدينة الإسلام المشرقة التي امتدت من قلب الهند حتى منتهى غربي أسبانيا المتوحش كانت من عمل الفاتحين فحسب؛ يقول الدكتور سارتون، إن العرب أول من نزلوا الميدان أسيادأ للعالم، لم يكونوا أحسن ثقافة من قبائل الهند الغربية، ولكنهم كانوا ذوي أهبة ممتازة فاقتبسوا بسرعة عجيبة كل ما يمكن اقتباسه من مدنية البيزنطيين، واستطاعوا في خلال جيلين اثنين فقط أن يرتقوا في العلم منزلة لم يرتق إليها أحد من قبلهم، وكذلك برهنت الثقافة التي نشروها على أنها توافق طبيعة كل الشعوب.

إن تكييف العرب لعلوم اليونان وتوسيعهم لفنونهم قد بلغ بهم الذروة في الفلك والرياضيات والطب والطبيعيات والكيمياء، وهم لم بقتصروا على نشر الثقافة فيما بينهم، بل نشروها

<<  <  ج:
ص:  >  >>