أهدى إلي صديقي الدكتور السعيد مصطفى السعيد وكيل النائب العمومي بنيابة الاستئناف كتابه القيم (في مدى استعمال حقوق الزوجية وما تتقيد به في الشريعة الإسلامية والقانون المصري الحديث) وهو رسالته التي نال بها عن جدارة إجازة الدكتوراه في القانون. وقد اقتضت هذه الرسالة منه أن يراجع في موضوعها كتب الفقه في مذاهب أهل السنة، وأهل الظاهر والشيعة، وكتب الأصول والتفسير وغيرها مما يتصل بموضوع رسالته، إلى مراجع أخرى باللغتين الفرنسية والإنجليزية
وهكذا دفع الدكتور السعيد بفكره المثقف بثقافته العصرية في متوننا الأزهرية وشروحها وحواشيها فخرج منها بتلك الدرة الغالية التي جمعت بين نبل القديم وجمال الحديث، في حسن اجتهاد، ودقة نظر، واستيعاب بحث، وتقليب للمسألة على كل وجوهها حتى يقتلها بحثاً من جميع نواحيها الشرعية والقانونية، وهذا إلى استيفاء ما يحب في حسن التأليف من انسجام العبارة ومتانة الأسلوب، وسلامة اللفظ، وحسن الترتيب والتقسيم
وإنها لقوة ذكاء عجيبة يكفي في تقديرها شهادة أستاذ الجليل الشيخ احمد إبراهيم وكيل كلية الحقوق فيما قدم به لرسالته، إذ يقول في ذلك:(وما أشد ما كان موفقاً لفهم نصوص الفقهاء في كتب جميع المذاهب المختلفة المطولة مع غرابة تعبيراتها عن أمثاله لعدم إلفه إياها)
ولم يتقيد المؤلف في رسالته بمذهب معين من المذاهب المتعددة في الشريعة الإسلامية، بل بحث موضوعه في المذاهب المختلفة بقدر ما وسعه جهده، على اعتبار أن هذه المذاهب وإن اختلف بعضها عن بعض في شيء من التفاصيل فأساسها واحد، وغايتها متفقة. وقد كان جهده في ذلك غاية الجهد، وما أظن أحداً يتصدى لموضوعه فيأتي بأوفى مما أتى به فيه، وإني لا أكاد أملك نفسي من السرور حين أجده تنتهي به دراسته لموضوعه إلى هذه الغاية التي لو عمل في سبيلها نظراؤه في كلية الحقوق لكان قضاء مستقل وقانون خاص