شهريار وشهرزاد وجهاً لوجه لا يمثلان غير الصراع المحتدم بين لهفة الإنسان وسر الأشياء المطويّ دونه
يسألها شهريار:(من أنت؟ هل تحسبينني أطيق طويلاً هذا الحجاب المسدل بيني وبينك؟)
فتغمغم شهرزاد كالمخاطبة نفسها بهذه الكلمات الخافية المشرقة:(وهل تحسبك - أيها الطفل - لو زال هذا الحجاب تطيق عشرتي لحظة؟)
وليس أصدق من قولها هذا. فان موضع العظمة في قلق الإنسان أنه قلق عضال لا دواء له؛ فضلاً عن أنه قد يكون ضرورياً للإنسان باعتباره مدعاة لاستمراره في البحث والطلب، وعلة لهذه الغريزة التي تحفز كل جيل - بالرغم من هزائمه - على أن يعهد للجيل اللاحق شعاره وهو الأمل
ولقد كان لا بد من شاعر ليقدم في هذا الحيز المحدود على إجمال لإحدى المأساتين العظيمتين للإنسانية؛ ولكنه كان لا بد من شاعر شرقي رقيق الحاشية دقيق الحس كالأستاذ توفيق الحكيم ليعالج صعوبة العمل بهذا الافتنان في التعابير المتراصفة النظم البارعة الوشى
ولا يسعنا أيضاً إلا الثناء الجميل على الأستاذين خضري وموريك بران؛ وكيف لا، وهما قد ترجما إلى اللغة الفرنسية المطبوعة على الوضوح والتعقل عن لغة أخرى جعلت قبل كل شيء للتعبير عن العطور والأشعار والأسرار