للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى معالي وزير المعارف]

التعليم الزراعي

دعوتك لما يراني البلاء ... وأوهن رجلي ثقل الحديد

وقد كان مشيهما في النعال ... فقد صار مشيهما في القيود

وكنت من الناس في محفل ... فها أنا في محفل من قرود

فلا تسمعن من الكاشحين ... ولا تعبأن بعجل اليهود

وكن فارقاً بين دعوى أردت ... ودعوى فعلت بشأو بعيد

(المتنبي)

مضى ربع قرن والتعليم الزراعي في مصر - عدا الجامعي منه - واقف في مكانه لا يتحرك ولا يتزحزح، ولا يشعر بأن الحوادث حواليه تنطلق إلى غايتها في عنفوان وتشتد إلى غرضها في عزم. أما هو فقد تخلف في سبات عميق لا يخضع لسنة الطبيعة ولا ينزل على حكم التطور. ولشد ما آلمني - حين قدر لي أن أغتمر في غمار هذا النوع من التعليم - أن أجده متفككاً يتداعى من هوان ومن ضعف؛ ولبثت ما لبثت أسوق النفس سوقاً إلى غاية، وأنا أرى وأحمل النفس على الصمت، ثم أنشر رأيي على صحابتي - بين الحين والحين - فلا أجد إلا الجمود الذي نفثه الاستسلام، والخمود الذي ولدته سخرية الرئيس من آراء مرءوسيه والتهكم بها والامتهان لها، نتيجة التزمت والكبرياء. والآن هبت الوزارة، أو بالأحرى مراقبة التعليم الزراعي، تسعى إلى تهذيب هذا النوع من التعليم وتريد إصلاحه، فأردت أن أتغلغل إلى قراره على أستطيع أن أبدي سوءاته أو أن أنفي عنه خبثه، وما لي بعد ذلك إلا أجر العامل المجد أو جزاء الناصح الأمين. والتعليم الزراعي في مصر - عدا الجامعي منه - يتكون من المكاتب الزراعية ومن المدارس المتوسطة، وسأحاول جهدي أن ألم شعث الموضوع في نظرة فاحصة سريعة.

أولاً: المكتب الزراعي

فكرة الإنشاء

نشأت فكرة المكتب الزراعي - أول ما نشأت - سنة ١٩٣٥، وابتدأ تنفيذ هذه التجربة في

<<  <  ج:
ص:  >  >>