السحر هو أن يختار الإنسان الشيء وهو مرغم على اختياره، فهو مزيج من حكم الإرادة ومن حكم القضاء
ليس بسحر أن نختار الشيء ونحن قادرون على تركه
وليس بسحر أن نرغم عليه ولا رغبة لنا فيه
إنما السحر أن ترغب في الشيء حتى نحاول أن نكف عن الرغبة فيه فنعلم يومئذ أننا غير أحرار، وأننا مسحورون أو مأخوذون
وإنما السحر أن نحسب أننا مكرهون على ذلك الشيء وأننا نضجر منه ونتململ ونفرح بالخلاص، حتى إذا أوشكنا أن نخلص منه علمنا أننا نكره الخلاص كما نكره البقاء
وحيثما وجد السحر وجدت الحيرة في أمره. فإذا فتن الرجل بالمرأة وحار الناس سائلين: والله ما ندري ما يفتنه منها فذلك هو السحر
وإذا أقدم الرجل على الخطأ وهو يعلم أنه خطأ ويعلم أنه مدفوع إليه غير مختار في الرجوع عنه، حائر فيما يدفعه إليه كما يحار من حوله في سر اندفاعه، فذلك هو السحر
وقوة السحر أنه هو قوة الإنسان وقوة القضاء مجتمعتين، متحدتين، سائرتين في طريق واحد. فإذا تنازعتا فذلك هو ابتداء الخلاص منه أو ابتداء بطلانه وانحساره، ولو كان لا ينحسر إلا بهلاك المسحور
كذلك سحر الصحراء
تسأل لماذا يسكنها أبناؤها؟ وتسأل لماذا يألفونها وهي جرداء خاوية تلهبهم قيظاً في الصيف وتجمدهم قرة في الشتاء، وتظمئهم وتجيعهم إذا امتنع الغيث وهو كثير الامتناع مجهول المواعيد مكذوب الوعود؟
والصحراء - بعد - ساحرة لأنك تسأل هذا السؤال، فلو أنك استغنيت عن سؤاله وعلمت سبب هيام البدوي بقفاره وجباله لما كان ثمة سحر ولا ساحر، ولا باطن للأمر غير ما فيه من ظاهر، بل هو شيء يجري في مجراه، ولا يلتبس عليك أصله ومغزاه
لماذا يشرب الماء ويأكل التمر ويستجيد الهواء حيث يجود، وينعم بالصيف والشتاء حيث