في الشمال من محطة الأحياء المائية وراء الأفق جبل عال تراه من المحطة إذا كان الجو صافياً ناتئاً بالبحر ببروز كبير. كان لهذا الجبل شأن كبير في قديم الزمان عند القدماء: من مصريين ورومان، فامتدت إليه همتهم وقصدوه من وادي النيل عبر الصحراء طلباً في سائل أسود كثيف ذي رائحة شديدة ينضح من جدار الجبل عند سطح الماء - هذا الجبل هو جبل الزيت، وهو سائل هو زيت البترول ولا يزال الجبل ينز بالزيت إلى يومنا هذا. وفي القرن الماضي عثر على الزيت في مغارات بالقرب من دمشة (جمسا) جنوبي جبل الزيت بنحو عشرين كيلو متراً، فدل هذا على وجود الزيت في باطن الأرض بكميات كافية للاستغلال التجاري، فتقدمت لاستغلاله شركة شل الإنكليزية، واستحوذت من الحكومة المصرية على منطقة امتياز في هذه البقعة، وبدأت العمل في مستهل هذا القرن، ثم حفرت أربعة وثلاثون بئراً مكثت تجود بالزيت حتى سنة ١٩٢٧، ثم نضب معينها فهجرتها الشركة وتحولت إلى غيرها.
ويظهر إن هذا النجاح حفز حكومتنا السنية للبحث عن البترول، فاختارت بقعة جنوبي دمشة بخمسين كيلو متر تعرف بابي شعر، فأنشأت فيها في أوائل هذا القرن أيضاً مرفأ حسناً، وجعلت حوله رصيفاُ لإرساء السفن. مدت عليه سكة حديد ضيقة تربطه بالداخل لمسافة طويلة، ثم أقامت بالقرب من الرصيف المخازن والمساكن لإيواء الموظفين والعمال وجلبت إليهم الفناطيس والماكينات والسيارات والأنابيب، وكلها من أجود أنواع الصلب المتين، ثم أخذت في حفر بئر وقبل أن تتمها بدأت في حفر بئر ثانية على مسافة من الأول وقبل إكمالها توقفت عن العمل فصرفت العمال والموظفين وشونت الماكينات والأدوات وتركت الأبراج قائمة على الآبار إلى اليوم،
وقد زرنا أبا شعرة عصر أحد الأيام وهو قريب من محطة الأحياء المائية، فاستقبلنا بالقرب