للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

من المرفأ الخفير القائم بالحراسة من قبل مصلحة المناجم، وقال هنا في هذا المخزن عربات الترولي وفي ذاك المخزن ست عربات لوري، وهناك الوابورات (ملقحة) وعلى يمينكم بيت المدير والإدارة وعلى يساركم منازل الموظفين والعمال، وعلى رأس السكة فنطاس الزيت، وخلف التل البئر الأولى وفي الوهدة أمامكم البئر الثانية. ثم تقدمنا فتبعناه فشاهدنا برجاً عظيماً من الحديد قد أقيم فوق البئر ولا زالت الأحبال والعدد هناك كما تركها العمال منذ عشرين عاماً ونيف.

وكنت أتخيل الحارس وهو يعد محتويات أبي شعر كأنه الترجمان في منطقة سقارة أو الهرم وهو يرشد السائحين إلى مقابر الفراعنة وآثار الغابرين. وكنت أسائل نفسي في حيرة عن السبب أو الحكمة التي أملت هذا التصرف الغريب وعن العقلية التي أوحت بترك كل هذه الأدوات والعدد وثمنها لا يقل عن سبعين ألفا من الجنيهات كما قال الحارس ملقاة هكذا وسط الرمال طوال هذا الزمن حتى كادت تبلى ما دامت الحكومة قد قطعت الأمل من وجود البترول في هذه المنطقة.

وفي عام ١٩١٤ استحوذت شركة شل (أيضاً) على شقة طويلة من ساحل البحر جنوبي أبو شعرة بعشرة كيلو

مترات (فقط) في منطقة الغردقة، ثم حفرت فيها الآبار وأقامت عليها الأبراج وشيدت المعامل والمنازل وما إلى ذلك كما سيأتي وصفه.

وقد توجهنا لزيارة هذه الآبار عصر أحد الأيام برفقة صديقنا الدكتور محمود أبو زيد مفتش مصلحة المناجم وهو مندوب الحكومة لدى الشركة وله الأشراف على تنفيذ اشتراطات العقد بينها وبين الحكومة، وقد استقبلنا لدى وصولنا إلى الشركة وكيل المدير وهو إنكليزي، وبعد تبادلنا التحية أجاز لنا الزيارة، فتوجهنا إلى المعمل الفني ثم إلى منطقة الآبار، ويدير المعمل عالمان لهما دراية خاصة بالجيولوجيا الصناعية فيقدم لهما عينات من أنواع التربة التي تخرج أثناء عملية حفر الآبار فيبحثانها بحثاً مستفيضاً من حيث التكوين والعصر الجيولوجي التي تكونت أثناءه ونوع الحيوانات التي كانت تعيش فيها وهكذا، ثم يعمل بذلك رسم تمثيلي لكل بئر يدل على الترتيب الطبقي للقشرة الأرضية في مكان البئر ونسبة السمك لكل طبقة وغير ذلك من البيانات الدقيقة. ومن هذا الرسم والشواهد الجيولوجية

<<  <  ج:
ص:  >  >>